تُعد تغذية الأبقار الحلوب علمًا معقدًا يتطلب دقة واهتمامًا لضمان صحة القطيع وتحسين إنتاجه من الحليب وفي هذا السياق، تقدم إرشادات حديثة من خبراء التغذية الحيوانية نصائح عملية للمزارعين حول المتطلبات الغذائية الأساسية، وقواعد التغذية لمختلف الأنظمة، بالإضافة إلى طرق تقييم كفاءة التغذية، مما يساهم في تعظيم الأرباح وتقليل الهدر.

تناول المادة الجافة (DMI): حجر الزاوية في التغذية الفعالة

لتحقيق أقصى كفاءة في التغذية وزيادة إنتاج الحليب، يُعد زيادة تناول المادة الجافة (DMI) إلى أقصى حد أمرًا بالغ الأهمية, يجب توفير العلف للأبقار على مدار الساعة، مع نسبة رفض تتراوح بين 2% و5% لضمان أقصى استهلاك, يختلف استهلاك المادة الجافة باختلاف وزن الجسم، مستوى إنتاج الحليب، مرحلة الإرضاع، وخصائص العلف، كما يتأثر بعوامل الإدارة والتربية.

يتوقع أن تتناول الأبقار ما بين 3% و3.5% من وزن جسمها من المادة الجافة (وقد تصل إلى 4% في بداية إلى منتصف موسم الإرضاع), على سبيل المثال، بقرة تزن 650 كجم تتوقع أن تتناول ما بين 19.5 و22.75 كجم من المادة الجافة.

إذا كان تناول المادة الجافة أقل من المتوقع، فقد يُعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها: سوء إدارة الحوض، عدم كفاية مساحة التغذية، تقديم أعلاف ذات مادة جافة عالية جدًا أو منخفضة جدًا (النسبة المثالية حوالي 40% من المادة الجافة)، انخفاض تناول الملح، محدودية المياه أو سوء جودتها، الإجهاد الحراري، الاضطرابات الأيضية مثل الحماض، أو كون الأبقار أصغر من المتوقع.

متطلبات الطاقة: وقود إنتاج الحليب

تعتمد احتياجات الطاقة للأبقار على طاقتها اللازمة للصيانة، إنتاج الحليب، والحمل. تُحسب متطلبات الصيانة بجمع (وزن الجسم بالكيلوجرام × 10%) + 10 ميجا جول. على سبيل المثال، بقرة تزن 650 كجم تحتاج إلى 75 ميجا جول للصيانة.

كقاعدة عامة، يتطلب إنتاج لتر واحد من الحليب بنسبة دهون 4% وبروتين 3.3% حوالي 5.3 ميجا جول من الطاقة, وبالتالي، بقرة تزن 650 كجم وتنتج 35 لترًا من الحليب تحتاج إلى ما مجموعه 260.5 ميجا جول, احتياجات الطاقة خلال الأشهر الخمسة الأولى من الحمل تكون ضئيلة، وتزداد مع زيادة مسافات المشي أو عند تغذية مجموعات منفصلة من العجول.

متطلبات البروتين: توازن دقيق لتقليل التكاليف والانبعاثات

لتقليل تكاليف العلف وانبعاثات النيتروجين، من المهم تجنب الإفراط في تغذية الأبقار بالبروتين, لا تحتاج الأبقار إلى نسبة محددة من البروتين الخام، بل إلى جرامات من البروتين القابل للاستقلاب (MP), يُنصح أن تتراوح نسبة البروتين الخام في حصة الحليب بين 16% و17% من المادة الجافة (DM).

يجب أن يحتوي النظام الغذائي على توازن بين بروتين الكرش القابل للتحلل (الذي يُنتج البروتين الميكروبي) والبروتين القابل للهضم غير القابل للتحلل (بروتين تحويل الكرش)، حيث تزداد الحاجة إلى بروتين تحويل الكرش مع زيادة إنتاج الحليب. تُعد المصادر الجيدة لبروتين تحويل الكرش: دقيق فول الصويا، منتجات دقيق اللفت المحمي، ودقيق البراري.

الإفراط في البروتين (أكثر من 18%) يؤدي إلى ارتفاع مستويات اليوريا في الحليب، وزيادة إفراز النيتروجين، وقد يؤثر على الخصوبة، بالإضافة إلى زيادة تكلفة التغذية, بتقليل البروتين الزائد وزيادة مصادر العلف عالية الطاقة، يمكن الحصول على حليب أكثر بتكلفة أقل.

مبادئ التغذية حسب العائد (PMR) ونظام TMR (النسبة المختلطة الكلية)

عند التغذية حسب العائد (PMR)، تُطبق قاعدة تغذية 0.45 كجم علف مركز لكل لتر حليب فوق الحصة الأساسية, على سبيل المثال، إذا كانت بقرة تنتج 45 لترًا، وتتغذى على 7 كجم علف مركز يوميًا، فهذا يوفر طاقة لحوالي 15 لترًا، مما يعني أن الحصة الأساسية يجب أن تدعم الـ 30 لترًا المتبقية. الهدف هو ألا تفقد الأبقار أكثر من 0.5 وحدة من درجة حالة الجسم خلال أول 60 يومًا من الإرضاع.

أما نظام TMR الكامل فيفترض عدم تغذية أي علف إضافي, يعتمد على أن الأبقار ذات الإنتاج العالي تأكل أكثر، بينما الأبقار في أواخر موسم الإرضاع تتناول كميات أقل, القاعدة العامة لتوفير الطاقة الكافية هي ضبط مستوى العلف بنسبة 20% فوق متوسط إنتاج القطيع (أو المجموعة), على سبيل المثال، إذا كان متوسط إنتاج المجموعة 25 لترًا، فيجب أن يكون هدف حصة TMR حوالي 30 لترًا.

التغذية للقطعان الروبوتية

لتحفيز الأبقار على زيارة الروبوت للحلب، يُنصح بتصميم الحصة الأساسية بحيث تكون أقل بـ 7 لترات من متوسط إنتاج الحليب للقطيع. هذا يعني أن الأبقار لن تحصل على كامل احتياجاتها الغذائية من الحصة الأساسية، مما يدفعها لزيارة الروبوت لتلقي العلف الإضافي. عند توزيع العلف في الروبوت، تُطبق قاعدة 0.45 كجم/لتر، ويُمكن زيادة الكمية القصوى من العلف في أول أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الإرضاع.

التغذية المعدنية والفيتامينية وأهمية الماء

تُعد التغذية المعدنية والفيتامينية مجالًا معقدًا، حيث أن مستويات المعادن الأساسية في الأعلاف عادة ما تكون غير كافية. يُنصح بتحليل الأعلاف واستشارة أخصائي التغذية لضمان تلبية المتطلبات وتجنب نقص أو تسمم المعادن (مثل تسمم النحاس). يجب أن يكون مستوى النحاس في النظام الغذائي الكامل للأبقار الحلوب 11 ملغم/كجم من المادة الجافة.

الماء عنصر حيوي: تحتاج الأبقار الحلوب إلى كمية كبيرة من الماء (4 إلى 5 لترات لكل لتر حليب منتج)، ويُستهلك حوالي 50% من الاحتياجات اليومية مباشرة بعد الحلب. يجب توفير مساحة لا تقل عن 10 سم لكل بقرة من حوض الماء، وأكثر من نقطة وصول للمياه لكل مجموعة، بمعدل تدفق حوالي 14 لترًا/دقيقة. يجب تنظيف أحواض المياه بانتظام للحفاظ على جودتها.

مراقبة كفاءة التغذية لتعظيم الأداء

يُمكن تعريف كفاءة التغذية (FE) بأنها كجم الحليب المنتج لكل كجم من المادة الجافة المستهلكة (FE = كجم الحليب المنتج / كجم المادة الجافة المستهلكة). تختلف هذه الكفاءة باختلاف مرحلة الإرضاع وإنتاج الحليب وجودة العلف. المراقبة المنتظمة لكفاءة التغذية تُمكّن المزارعين من متابعة الاتجاهات وتحديد مواطن ضعف الأداء أو تحسنه.

إذا كانت الكميات المتناولة أقل من المتوقع، فقد يؤدي ذلك إلى سوء التغذية، مما يؤثر على إنتاج الحليب وحالة الجسم والخصوبة, أما إذا كانت الكميات المتناولة أعلى من المتوقع، فيُشير ذلك إلى إطعام كميات زائدة من العلف المركز، مما يزيد من تكاليف الأعلاف. يُنصح بإعادة تحليل الأعلاف لمعرفة ما إذا كان محتوى المادة الجافة قد تغير، واستشارة أخصائي التغذية للمساعدة في الحسابات الدقيقة.