تعد صناعة الدواجن في مصر أحد الأعمدة الرئيسية للأمن الغذائي، ومصدرًا مهمًا للبروتين الحيواني لملايين المواطنين، كما أنها تمثل قطاعًا استثماريًا حيويًا يوفر العديد من فرص العمل.

ورغم أهميتها، تواجه هذه الصناعة العديد من التحديات التي تتطلب مراجعة مستمرة وتطوير دائم لضمان استدامتها وتحقيق أقصى استفادة ممكنة للمستهلك والمربي والاقتصاد الوطني.

هيمنة صغار المربين وغياب الأمان الحيوي

تشير التقديرات إلى أن نحو 70% من المربين في مصر ينتمون لفئة "صغار المربين"، بينما لا تمثل الشركات الكبرى سوى نحو 30% فقط. وتكمن المشكلة الأساسية في أن أغلب هؤلاء الصغار لا يطبقون نظم الأمان الحيوي، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النفوق بشكل ملحوظ. فغياب الإجراءات الوقائية وتجاهل برامج التحصين المنضبطة يؤدي إلى ضعف الإنتاج ويعرض المزارع لخسائر كبيرة.

أهمية الأمان الحيوي وتطوير صناعة اللقاحات

الأمان الحيوي يمثل حجر الأساس في تربية الدواجن، حيث لا يمكن الاعتماد على التحصينات فقط دون وجود بيئة نظيفة وآمنة. حتى أفضل اللقاحات، إذا طُبقت دون أمان حيوي، تكون فعاليتها محدودة للغاية. وعلى الجانب الإيجابي، شهد قطاع صناعة اللقاحات المحلي تطورًا ملحوظًا، خاصة مع الاعتماد على سلالات محلية أكثر توافقًا مع طبيعة الأمراض المنتشرة في البيئة المصرية.

جودة الكتاكيت كمفتاح للإنتاج الناجح

من أبرز المشكلات التي تم التنبيه لها مسبقًا، هي انخفاض جودة الكتاكيت المطروحة في السوق من بعض الجهات غير الموثوقة. وتعد هذه الظاهرة من أسباب تدهور دورة التربية، مما يستدعي ضرورة شراء الكتاكيت من مصادر موثوقة لضمان جودتها وسلامتها.

خطوات إصلاحية مقترحة للنهوض بالصناعة

من أجل إصلاح هذا القطاع الحيوي، تم اقتراح مجموعة من الإجراءات تشمل:

إعداد خطة وطنية لمتابعة أوضاع صغار المربين.

تنفيذ برامج تدريبية مكثفة في مختلف المحافظات.

ربط منح تراخيص المزارع بمدى تطويرها لتواكب تحديات التغيرات المناخية، والتي تتسبب في فقدان ما بين 30% إلى 40% من مدخلات الإنتاج المستوردة.

التوسع في إتاحة قروض بفائدة منخفضة (5%) لتشجيع المربين على تحويل المزارع إلى نظم مغلقة بالكامل، ما يساعد في تقليل الفاقد وتحسين كفاءة الإنتاج.

ضرورة الالتزام بالقانون ومكافحة العشوائية

من الضروري التصدي للممارسات العشوائية في بيع وذبح الدواجن في الشوارع أو عبر وسائل التواصل، لما لها من أثر سلبي على الصحة العامة.

ويجب تفعيل القوانين المنظمة لصناعة الدواجن، بما يضمن الالتزام بالمعايير الصحية دون الإضرار بمصدر رزق المربين، بل على العكس، بما يساهم في تحسين جودة المنتج وضمان سلامته، وبالتالي تحقيق عائد أفضل للجميع.

تظل صناعة الدواجن في مصر قطاعًا واعدًا، لكنها بحاجة ماسة إلى التحديث، والتنظيم، والتعاون بين كافة الجهات لضمان استقرارها وتطورها بما يخدم الصالح العام.