أ
أ
تشهد الفترة الأخيرة انتشارًا ملحوظًا لتسريحة شعر "الموليت" بين الشباب، وهي التسريحة التي تتميز بجوانب قصيرة وشعر طويل مسدول على الرقبة من الخلف، مع شعر قصير من الأمام, ورغم ظهورها اللافت في الوقت الحالي، إلا أن جذور هذه التسريحة تمتد لآلاف السنين، مرورًا بمراحل مختلفة من الرمزية والانتشار.
من محاربي الإغريق إلى أيقونة الروك:
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن تسريحة "الموليت" لم تكن مجرد موضة عابرة، بل تعود أصولها إلى المحاربين الإغريق والسلتيك القدماء، حيث كانت تحمل دلالات تجمع بين الهيبة والعملية, وتشير الصحيفة إلى تشابهها مع تسريحات ظهرت في الحضارات الآشورية والمصرية واليونانية القديمة، مرجحة أن وظيفتها العملية كانت توفير الدفء للرقبة في الأجواء الباردة.
بعد اندثارها لفترة طويلة، عادت "الموليت" للظهور بقوة في سبعينيات القرن العشرين، ولكن هذه المرة لم تكن رمزًا للمحاربين، بل تحولت إلى أيقونة متمردة في عالم الموضة, اكتسبت التسريحة شهرة واسعة بعد أن تبناها العديد من نجوم موسيقى الروك في تلك الحقبة، مثل ديفيد بوي، وبول مكارتني، ورود ستيوارت، كنوع من التحدي لقواعد الجمال السائدة آنذاك, ويُعتقد أن اسم "موليت" مشتق من كلمة "mulletus"، وهو نوع من أسماك البوري، مما أضفى عليها طابعًا أكثر غرابة.
رمزية خفية وجذور اجتماعية:
على الرغم من شعبيتها المتزايدة في بعض الفترات، ارتبطت تسريحة "الموليت" برسائل خفية وجذور اجتماعية وجندرية غير مباشرة, فبحسب مجلة الموضة "مودمويز" التابعة لجامعة ولاية أوكلاهوما، ارتبطت هذه التسريحة في ثمانينيات القرن الماضي بثقافة مجتمع الميم، حيث اعتمدتها بعض النساء للإشارة إلى انتمائهن دون الكشف عن هويتهن علنًا, وأكدت مجلة "بريكس" أن "الموليت" أصبحت رمزًا في مجتمع الميم، وهو ما وثقه الفيلم الوثائقي "American Mullet"، حيث تحدث المشاركون عن استخدامهم التسريحة كوسيلة للتعبير عن ميولهم الجنسية.
من رمز للتمرد إلى دلالة على الذوق السيء:
في تسعينيات القرن الماضي، شهدت تسريحة "الموليت" انحدارًا حادًا في شعبيتها، وتحولت من تعبير عن هوية إلى دلالة على الذوق السيء والابتذال، مما ساهم في اختفائها المؤقت من المشهد العام.عودة قوية في عصر الجائحة:
في عام 2013، أثارت "الموليت" الجدل في بعض المجتمعات المحافظة، حيث حظرت السلطات الإيرانية هذه التسريحة إلى جانب تسريحة ذيل الحصان.إلا أن جائحة كورونا في عام 2020 شهدت عودة غير متوقعة لتسريحة "الموليت" إلى الواجهة, فمع لجوء الكثيرين إلى قص شعرهم بأنفسهم خلال فترة الحظر، تحول الأمر إلى مزحة رائجة على منصات التواصل الاجتماعي, لكن المفاجأة أن "الموليت" صمدت واستمرت في الانتشار حتى بعد انتهاء فترة الوباء.
