أ
أ
في إنجاز بحثي استمر لما يقرب من عقد من الزمان، نجح باحثو مركز البحوث الزراعية المصري في تطوير ثلاث سلالات جديدة ومتميزة من القطن الملون طبيعيًا باللونين الأخضر والبني, هذا التطور يمثل نقلة نوعية للقطن المصري، ويعزز مكانته الرائدة عالميًا في زراعة الأقطان عالية الجودة.
القطن الملون: أصل القطن الأبيض وعودة للأصول الطبيعية
أكد الدكتور مصطفى عمارة، وكيل معهد بحوث القطن والمتحدث الإعلامي للمعهد، أن القطن الملون هو في الأساس تراكيب وراثية تحتوي على لون طبيعي في ألياف القطن نفسه, وأوضح أن هذا النوع من القطن يتدرج في ألوانه من البيج الفاتح إلى البني الغامق، مشيرًا إلى أن القطن الملون هو الأصل والأساس، بينما القطن الأبيض يعتبر طفرة منه.يتبنى المعهد خطة طموحة لتوسيع رقعة زراعة هذا القطن في مصر، وتحويل التجارب المحدودة إلى زراعة تجارية مستدامة, كما يسعى لبناء علامة تجارية مصرية مميزة في مجال الأقمشة الملونة طبيعيًا والمستدامة عالميًا.

تفوق مصري غير مسبوق في متانة القطن الملون وجودته
نجح معهد بحوث القطن في إنتاج 3 سلالات جديدة بألوان مختلفة: قطن بني فاتح، قطن بني غامق، وقطن أخضر, وأشار الدكتور عمارة إلى أن متانة نسيج هذا القطن المصري بلغت أرقامًا عالية لم تصل إليها أي دولة أخرى قامت بإنتاج أصناف القطن الملون عالميًا, وقد تم إجراء اختبارات تكنولوجية دقيقة لقياس المتانة والجودة، أثبتت تفوق القطن المصري الملون من حيث الجودة، المتانة، والإنتاجية مقارنة بما تم إنتاجه عالميًا.ويعتبر القطن المصري بصفة عامة، ووفقًا لتقرير اللجنة الدولية الاستشارية للقطن، رقم 1 على مستوى العالم من حيث الجودة والصفات الغزلية.

قيمة مضافة واقتصاديات بيئية: مستقبل القطن الملون في مصر
أوضح الدكتور عمارة أن القيمة المضافة للقطن الملون عالية جدًا، حيث تبدي الدول المتقدمة وبيوت الأزياء العالمية اهتمامًا كبيرًا بإنتاج المنسوجات المغزولة من القطن الملون طبيعيًا, هذا الاهتمام يفتح الباب أمام فرص تصديرية واسعة لمصر، خاصة للدول الساعية للحد من الملوثات.يتميز هذا القطن بـثبات درجة لونه، وهو الأفضل من حيث التيلة وإنتاج الشعيرات الرفيعة على مستوى العالم, كما يساهم في تطوير صناعة النسيج بشكل أكثر توازنًا مع الطبيعة، ويعتبر خيارًا مثاليًا يعزز صناعة الملابس المستدامة والصديقة للبيئة ويساهم في تقليل التلوث.

مميزات عديدة للقطن الملون المصري:
صديق للبيئة والصحة: لا يتطلب أي صبغات كيماوية أثناء التصنيع، مما يحافظ على البيئة وصحة الإنسان.توفير الموارد: يوفر المياه بنسبة تصل إلى 50% في عمليات التصنيع مقارنة بالقطن التقليدي.
تقليل التكاليف: يخفض التكاليف الصناعية (الصباغة والمعالجة) بنسبة كبيرة تصل إلى 60%.
دعم المزارعين: يحقق دخلًا أعلى للمزارعين نظرًا لتميزه وسعره الأفضل.
مقاومة ومرونة: يتميز بمقاومته للجفاف والآفات والأمراض، واحتياجه لمستلزمات إنتاج أقل مقارنة بالقطن الأبيض التقليدي.
ثبات وجودة اللون: تزداد ألوانه ثباتًا وزهوًا كلما تم غسله، ويتحمل الحرارة والمساحيق دون أن يسبب حساسية.
متانة فائقة: المواصفات الغزلية للقطن الملون المصري أمتن وأعلى من الأصناف الأجنبية.
بصمة كربونية منخفضة: يستهلك كمية قليلة من المياه والكيماويات، مما يجعله مناسبًا لاقتصاديات البيئة.
أسعار تنافسية: أسعار القطن الملون أكبر بكثير من القطن الأبيض.
خصائص فريدة: النسبة المئوية للسكريات المختزلة الكلية في ألياف القطن البني في الحدود الطبيعية (أقل من 0.3%)، ونسبة الشمع بالألياف مرتفعة، بينما نسبة الزيت والبروتين في البذرة أقل, كما أن اللون البني الطبيعي ثابت ضد الغسيل والعرق (الحامضي والقاعدي) وضد الضوء.

تحديات وفرص مستقبلية للقطن المصري:
أوضحت الدكتورة أمل صابر عويس، مدير المعهد الأسبق ورئيس قسم بحوث كيمياء القطن وألياف النسيج، أن القطن المصري يواجه تحديات تتطلب حلولًا مبتكرة لضمان استدامة إنتاجه وتسويقه وتنافسيته, وأكدت على ضرورة الاستفادة من القيمة المضافة بتحويل الأقطان إلى غزول (زيادة 40%)، ومن الغزل إلى أقمشة (زيادة 35%)، ومن الأقمشة إلى ملابس جاهزة (زيادة 85-87%).يتميز القطن الملون طبيعيًا بأليافه التي تنمو بلونها الذاتي في الحقول دون الحاجة لصبغات صناعية, ورغم أنه لم ينتشر تجاريًا حتى وقت قريب بسبب صعوبات في التشغيل والمتانة، إلا أن تطور برامج التربية التقليدية، الهندسة الوراثية، وتكنولوجيا التصنيع أدت إلى إحياء استخدامه على نطاق تجاري في دول مثل الولايات المتحدة والصين والهند, وفي مصر، ما زال القطن الملون تحت النطاق التجريبي، لكنه يمثل إضافة جديدة وواعدة للقطن المصري.
من أهم مميزات هذا القطن إنتاج أقمشة طبيعية ملونة ليس لها تأثير ضار وغير ضارة بالبيئة، ومهمة لملابس الأطفال، واقتصادية في تشغيلها لتوفير الماء والطاقة والمواد الكيميائية والوقت لعدم احتياجها للصباغة, ويمكن استخدامه في إنتاج العديد من المنتجات مثل البنطلونات، القمصان، الفوط، الملايات، ومفروشات الأسرة, كما يمكن تحسين غزله بخلطه مع أقطان بيضاء أطول وأكثر متانة، مع ملاحظة أن اللون الطبيعي لهذه الألياف ثابت ضد الغسيل، بل يزداد ثباته وعمقه وشدته مع كل غسلة، على عكس الألوان الصناعية التي تتلاشى.