السبت، 10 ذو القعدة 1445 ، 18 مايو 2024

المحررين

من نحن

اتصل بنا

الدكتور فوزي أبو دنيا يكتب .. خفض البصمة الكربونية للثروة الحيوانية

فوزي ابو دنيا
الأستاذ الدكتور فوزى أبو دنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني
أ أ
لتمكين قطاع الثروة الحيوانية من المساهمة في الجهود الرامية إلى كبح ارتفاع الحرارة في العالم إلى ما دون درجتين مئويتين. فإن هناك خيارات متاحة أمام جميع المربيين ومختلف نظم الإنتاج من أجل إنتاج المزيد من المنتجات الحيوانية مع إصدار قدر أقلّ من الانبعاثات. وبغية مضاعفة إمكانات التخفيف من التأثيرات، لا بدّ من تسهيل وصول المزارعين إلى الخدمات والاستثمار من خلال تمكينهم لتنفيذ التدخلات التي يمكن تصميمها خصيصًا لهم.


علاوة على ذلك، يجب أن تكون إستراتيجيات التخفيف من التأثيرات مصممة بحيث تتناسب مع الظروف المحلية وأيضًا مدمجة بالكامل في البرامج الأوسع نطاقًا التي تدعم قدرة الأرياف على الصمود وسبل العيش فيها إلى جانب تحقيق أهداف الاستدامة الأخرى. ومن شأن اعتماد أفضل الممارسات – بما في ذلك مراعى الشجيرات العلفية وتحسين الرعي بالتناوب خصوصا في المناطق الرعوية الساحلية خاصة مع وجود رغبة في تنمية تلك المساحات الممتدة بشريط الساحل ليكون أحد مصادر الإمداد بالمنتجات الحيوانية خاصة اللحوم.


اما على الصعيد العالمي فإنه يجب ان يتم تسخّير ما يكفي من إمكانات احتجاز الكربون لخفض قرابة ثلث الانبعاثات السنوية الناجمة حاليًا عن الثروة الحيوانية في جميع المراعي في العالم، على الرغم من أنّ العائدات الاقتصادية المتوقعة من هذا التغيير قد لا تجعله مجديًا على المديين القصير إلى المتوسط. وبالمثل، فإنّ استبدال حصة من النظام الغذائي للحيوانات بالمتبقيات الزراعية خاصة فى ظل الاهتمام ودعم تنمية وتحسين السلالات المحلية حيث يمكن أن يؤدي إلى تخفيضات كبيرة في انبعاثات النيتروجين الإجمالية كنتيجة لخفض التسميد للمحاصيل العلفية، وسيتطلب استثمارات كافية في البنية التحتية وسياسات وأنظمة تضمن سلامة العلف وتقلل مخاطر التسبب في تفشي الأمراض الحيوانية كما حدث في آسيا وإفريقيا مؤخرًا. وهناك بعض الحلول التي أثبتت جدواها للتخفيف من التأثيرات- مثل مزيج التربية والأعلاف المتطورة (الإضافات العلفية الجديدة المخفضة من انبعاثات الميثان)- التي قد لا تكون مناسبة في جميع المناطق، بسبب مسائل الكلفة والسلامة وإمكانية الوصول إليها.


كما أنه من غير المحتمل أن تستفيد النظم القائمة على المراعي، على سبيل المثال، من الاستراتيجيات المصممة للنظم التى تقوم على المحاصيل المزروعة. علاوة على ذلك، ستكون جهود التخفيف من استهلاك الأغذية الحيوانية المصدر معتمدة على نوع الأغذية التي ستحلّ محلها. بالإضافة لذلك فإنّ تعزيز صحة الحيوان يعتبر أحد النُهج المُحكمة لزيادة كفاءة إنتاج الثروة الحيوانية، وحين يزيد توافر البروتينات الحيوانية من دون الحاجة إلى زيادة حجم القطعان، ستعطي الثروة الحيوانية التي تنعم بصحة جيّدة غلات أكبر، وهذه وسيلة هامة لخفض كثافة الانبعاثات الناجمة عنها. على الجانب الآخر وفى إطار مبادرة التحول المستدام للثروة الحيوانية فى  البلدان المختلفة من أجل تحويل قطاعات الثروة الحيوانية لديها لكي تعزز استدامتها، مع مراعاة تنوع نظم الإنتاج الحيواني من خلال إيجاد وتنفيذ حلول مستدامة ومتاحة للإنتاج الحيواني وحلول للصحة بغية زيادة الإنتاجية والتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع تغير المناخ وتحسين الصحة.


المطالبة بوجوب إنشاء قاعدة بيانات للانبعاثات الصادرة عن الثروة الحيوانية

من المهم لتخفيف حدة الانبعاثات من الثروة الحيوانية إنشاء قاعدة بيانات إحصائية كى تُظهر مقارنة عمليات الانبعاثات ذات الصلة بالأنواع الحيوانية المختلفة بندًا بندًا، حيث أنه فى إطاري البيانات المتحصل عليها يمكن توفير تقديرات متسقة لمستويات الانبعاثات، وذلك لأن  قاعدة البيانات الإحصائية في أى بلد تقدم نهجًا أكثر شمولاً لنظم الأغذية الزراعية، وفى هذا الشأن أطلقت منظمة التغذية والزراعة FAO  برنامجا يطلق عليه Global Livestock Environmental Assessment Model (GLEAM) والذى يتيح للمستخدمين إجراء تحليلات أكثر تفصيلاً لخيارات التخفيف في أنظمة الثروة الحيوانية. وتشمل بعض البيانات البارزة النتيجة التي مفادها أن الماشية - بما في ذلك اللحوم والحليب - تساهم بحوالي 3.8 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أو 62 % من إجمالي الماشية، في حين تُعزى 14 % إلى الخنازير، و9 % إلى الدجاج، و8 % إلى الجاموس، و7 % إلى المجترات الصغيرة.  ومن حيث السلع الأساسية، يمثل إنتاج اللحوم ثلثي الانبعاثات، والحليب 30 %، ويمثل البيض الباقي. من ناحية أخرى تمثل الانبعاثات المباشرة، بما في ذلك غاز الميثان الناتج عن التخمر المعوي بواسطة الحيوانات المجترة وأكسيد النيتروز الناتج عن أنظمة إدارة السماد، 60 % من إجمالي انبعاثات القطاع، بينما ينبع الباقي من صناعة الأسمدة والمبيدات الحشرية للمحافظة على إنتاج الأعلاف، بجانب عمليات إنتاج العلف نفسه، وكذلك  معالجة ونقل الأعلاف والحيوانات الحية ومنتجات الثروة الحيوانية، والتغيرات في استخدام الأراضي المرتبطة بإنتاج الأعلاف.


وبشكل عام، يشكل الميثان أكثر بقليل من نصف المجموع الإجمالي، ويتتبع توزيعه المكاني عن كثب موقع قطعان الحيوانات المجترة، التي تنتج أجهزتها الهضمية غاز الميثان من نظام غذائي يتكون في الغالب من الأعشاب التي لا يستطيع البشر هضمها.  بينما بالنسبة للأنواع أحادية المعدة مثل الخنازير والدجاج، تنبع الانبعاثات في المقام الأول من إنتاج الأعلاف وإدارة السماد. تسمح أداة GLEAM  بالتعمق في الفوارق الكبيرة في البصمة الكربونية أو كثافة الانبعاثات لوحدة واحدة من الحليب أو اللحوم أو البيض عبر البلدان والأنواع وأنظمة الإنتاج، والتي تعكس القضايا المحلية وغالبًا ما تكون إمكانات التخفيف واعدة.  ويختلف نطاق متوسط كثافة انبعاث حليب الماشية في أنظمة الأراضي العشبية بعامل قدره 20، وفي إحدى الدراسات التي أجريت على أصحاب الحيازات الصغيرة في كينيا، كان المعامل قدره 50 بالنسبة للحوم الأبقار. 

وفي هذا التباين يمكن لجهود التخفيف أن تؤتي ثمارها. وهذه النتائج تاتى لتوفير لوحة تحكم GLEAM  مجموعة من الأدوات لاستكشاف البيانات بشكل تفاعلي. وفي حين يجب تسريع الاستثمارات للشروع في إجراءات ملموسة للتخفيف من الانبعاثات الناجمة عن الثروة الحيوانية، فإن  منظمة الأغذية والزراعة تعمل على تحسين منصة GLEAM   حتى تتمكن من توفير عمليات محاكاة حسب الطلب عبر الإنترنت وتسمح للمستخدمين بقياس تأثير تنفيذ تدخلات مختلفة على الفور في ظل سيناريوهات مختلفة لبعض المؤشرات البيئية.


خيارات خفض انبعاثات الثروة الحيوانية

 من الضروري تمكين قطاع الثروة الحيوانية من المساهمة بحصته في الجهود المبذولة للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين. حيث تتوفر خيارات إنتاج المزيد بانبعاثات أقل لجميع المناطق وأنظمة الإنتاج. ولتعظيم إمكانات التخفيف، من الضروري تسهيل وصول المزارعين إلى الخدمات والاستثمار في تمكين قدرتهم على تنفيذ تدخلات مخصصة. علاوة على ذلك، يجب تصميم استراتيجيات التخفيف بما يتناسب مع الظروف المحلية ودمجها بشكل كلي في البرامج الأوسع التي تدعم قدرة الريف على الصمود وسبل العيش بالإضافة إلى أهداف الاستدامة الأخرى. إن اعتماد أفضل الممارسات - في نظم الرعي الدوري الأمثل - في جميع الأراضي العشبية على مستوى العالم يمكن أن يستغل القدرة على عزل ما يكفي للتخلص من ما يقرب من ثلث الانبعاثات السنوية الحالية للماشية، ولكن اقتصاديات مثل هذا التغيير قد لا تكون قابلة للتطبيق على المدى القصير إلى المتوسط. وقد لا تكون بعض حلول التخفيف التي أثبتت جدواها، مثل التربية المكثفة وبعض مخاليط الأعلاف - بما في ذلك إضافات الأعلاف الجديدة - مناسبة في كل مكان بسبب مشكلات التكلفة والسلامة وإمكانية الوصول. 

على سبيل المثال، من غير المرجح أن تستفيد أنظمة الإنتاج الحيواني القائمة على الأراضي العشبية بالمراعي من الاستراتيجيات المصممة للأنظمة التي تعتمد اعلافها على المحاصيل المروية.  علاوة على ذلك، فإن التأثيرات التخفيفية المترتبة على الحد من استهلاك الأغذية الحيوانية سوف تعتمد على ما يحل محلها. على الجانب الاخر يعد تعزيز صحة الحيوان نهجًا قويًا لزيادة كفاءة الإنتاج الحيواني، حيث تتمتع الماشية الصحية بإنتاجية أكبر، وهي قناة مهمة لتقليل كثافة انبعاثاتها. فى الواقع تعتبر مبادرات التحول المستدام للثروة الحيوانية من المقترحات الناجحة، مع مراعاة تنوع نظم الإنتاج الحيواني من خلال تطوير وتنفيذ حلول مستدامة وسهلة المنال للإنتاج الحيواني والصحة لزيادة الإنتاجية والتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة.  وأيضا التكيف مع تغير المناخ وتحسين الصحة.


بعض الأمثلة لكميات الانبعاثات باختلاف النوع الحيواني:

أبقار الألبان: 45.0 كجم من الميثان CH4) ) لكل رأس في السنة.
أبقار اللحم: 30.0 كجم من الميثان CH4) ) لكل رأس في السنة.
الأغنام: 8.0 كجم من الميثان CH4) ) لكل رأس في السنة.
الماعز: 4.0 كجم من الميثان CH4) ) لكل رأس في السنة.
الخنازير: 0.8 كجم من الميثان CH4) ) لكل رأس في السنة.
السماد  Manure  0.5% من النيتروجين المستخدم.

الإجراءات الضرورية التي تجعل الثروة الحيوانية منخفضة الكربون

الإجراء- 1. تعزيز كفاءة إنتاج الثروة الحيوانية واستخدام الموارد والإجراءات التي من شأنها تحسين السلالات المحلية والتي تتمتع بقدرة عالية على مجابهة التغيرات المناخية.
الإجراء 2. تكثيف جهود إعادة التدوير وتقليل الخسائر من أجل الاقتصاد الحيوي الدائري.
الإجراء 3. الاستفادة من الحلول القائمة على الطبيعة لزيادة تعويضات الكربون.
الإجراء 4. السعي لتحقيق أنظمة غذائية صحية ومستدامة ومحاسبة  بدائل البروتين.
الإجراء 5. وضع تدابير سياسية لدفع التغيير دعوة للعمل من أجل اتباع نُهج متكاملة لتحقيق انخفاض الكربون في الثروة الحيوانية.
وسوف نتحدث باستفاضة ونلقى الضوء على تلك الإجراءات بشكل أكثر توضيحا لكل إجراء على حدى.


الأستاذ الدكتور فوزى أبو دنيا
المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني

تابع موقع اجرى نيوز عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

اجرى نيوز ، موقع إخباري  يقدم أهم الأحداث المحلية والعربية والعالمية وخدمات صحفية محترفة فى الأخبار والاقتصاد والزراعة والعلوم والفنون والرياضة والمنوعات ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية.

لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، اخبار مصر ، اخبار الزراعة ، صناعة الدواجن ،الثروة الحيوانية، بنوك واقتصاد ،اجرى لايف ،مقالات ،منوعات، وخدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.

icon

الأكثر قراءة