في ظل تزايد الاعتماد على الوجبات السريعة والأطعمة المعالجة، بدأ الاهتمام بالبذور المستنبتة (النبت) يتناقص بشكل كبير في بعض الأسر المصرية، رغم فوائدها الغذائية الكبيرة ودورها الفعّال في تعزيز المناعة والوقاية من الأمراض بشكل طبيعي وآمن.

من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن الغذاء مجرد وسيلة لسد الجوع، لكن الدراسات الحديثة أكدت أن التغذية الجيدة تساهم في تحسين الصحة العامة، وتقوية قدرة الجسم على مقاومة الأمراض، فضلاً عن دعم الأداء العقلي والبدني.

يعد "النبت" أو البذور المستنبتة واحدًا من الأغذية الخارقة (Superfoods) التي تحتوي على عناصر غذائية غنية ومفيدة، حيث توفر فوائد غذائية كبيرة بأقل عدد من السعرات الحرارية.

تكمن أهمية هذه الأغذية في احتوائها على الألياف والمعادن والفيتامينات، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة، مما يجعلها حليفًا قويًا للجسم في مواجهة الأمراض المزمنة.

عادة مصرية قديمة تعود من جديد

يرتبط استهلاك النبت بالعادات الغذائية القديمة في مصر، حيث كان نبت الفول والحلبة من الأطعمة الأساسية في احتفالات شم النسيم وعيد الربيع, ورغم أن هذه العادة قد اندثرت جزئيًا مع مرور الوقت، إلا أن العودة إلى إنتاج النبت في المنازل أصبحت ضرورة ملحة، ليس فقط لأسباب صحية، بل كوسيلة اقتصادية فعّالة أيضًا.

ما هو "النبت"؟

النبت أو البذور المستنبتة هو نتاج إنبات البذور، حيث يتم استهلاكها في مرحلة نموها التي تتراوح بين يوم واحد إلى أسبوع أو أكثر حسب نوع البذور.

فوائد مذهلة للبذور المستنبتة

غذاء عضوي طبيعي: النبت خالٍ من المبيدات والمواد الكيميائية.

غذاء حي: يحتوي على إنزيمات تساعد في الهضم وتعزز امتصاص العناصر الغذائية.

قيمة غذائية مرتفعة: يحتوي على مركبات فينولية وسالفروفان وأيزوفلافون، كما في نبت البروكلي وفول الصويا.

مصدر للأحماض الدهنية الصحية: مثل أوميغا-3 في نبت دوار الشمس.

تركيز عالٍ من الفيتامينات: مثل A، C، K، وE، بنسب تفوق الخضروات التقليدية بعشر مرات.

سهولة امتصاص العناصر الغذائية: بفضل نشاط إنزيم الفيتياز الذي يساعد في تحرير المعادن من صورتها غير المتاحة.

بديل طبيعي للمكملات الغذائية: غني بالحديد والمغنيسيوم وفيتامين C، دون آثار جانبية مثل الإمساك.

تمكين الأفراد: تحويل الشخص من مستهلك إلى منتج، مع إمكانية تأسيس مشروعات منزلية صغيرة.

كيفية إنتاج النبت في المنزل؟

يمكن تقسيم النبت إلى نوعين رئيسيين:

1. النبت الأبيض (نبت الظلام)

يتم إنتاجه في بيئة مظلمة أو ذات إضاءة منخفضة، ويتضمن أنواعًا مثل:

الفول: يومان

العدس: يومان

البرسيم الحجازي: 5 أيام

الخردل: 7 أيام

طريقة التحضير:

نقع البذور وشطفها جيدًا.

وضع البذور في برطمان مائل مغطى بالشاش.

شطفها مرتين يوميًا، ثم حصادها بعد فترة الإنبات مع التخلص من القشرة.

2. النبت الأخضر (Microgreens)

ينمو تحت إضاءة ويُحصد بعد فترة أطول، ويتميز بمحتوى عالٍ من الكلوروفيل ومضادات الأكسدة. من أمثلته:

زهرة الشمس: 5–6 أيام

البسلة: 13 يومًا

الفجل والجرجير: حتى 15 يومًا

طريقة التحضير:

زرع البذور على تربة (خليط من طين، رمل، كمبوست).

الري المنتظم وتعريضها للإضاءة.

حصاد النبت باستخدام مقص أو سكين.

عصير عشب القمح... كنز غذائي أخضر

عشب القمح لا يُستهلك كما هو، بل يُعصر للحصول على عصير أخضر غني بالكلوروفيل، الحديد والماغنيسيوم. يساعد هذا العصير في إزالة السموم من الجسم (Detox)، كما يساهم في خفض مستويات الكوليسترول وضغط الدم.

نصائح مهمة أثناء إنتاج النبت:
تجنب استخدام بذور مُعالجة كيميائيًا.

الاهتمام بالتهوية والنظافة لتجنب التلوث الميكروبي.

التخلص من أي نبت يظهر عليه العفن أو الروائح غير المستحبة.

نحو ثقافة غذائية مستدامة

إنتاج النبت في المنازل لا يحتاج إلى مساحة كبيرة أو أدوات معقدة، بل يمكن تنفيذه باستخدام وسائل بسيطة متوفرة في معظم المنازل. لذلك، يدعو المختصون إلى تعزيز الوعي حول أهمية الزراعة المنزلية للبذور المستنبتة، التي تحمل فوائد صحية واقتصادية واجتماعية، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لكل أسرة تبحث عن غذاء نظيف، مغذٍ وآمن.

د/ دينا عادل انور 
باحث أول - المركز الاقليمي للاغذيه و الاعلاف