الإثنين، 21 ربيع الثاني 1447 ، 13 أكتوبر 2025

مدير منظمة "الفاو" يكتب.. لنتعاون من اجل غد افضل نحو بناء منظومات اغذية وزراعة

دونغ
د. شو دونغ يو مدير منظمة "الفاو" يكتب.. لنتعاون من أجل غدٍ أفضل نحو بناء منظومات أغذية وزراعة
أ أ
techno seeds
techno seeds

يُصادف يوم الأغذية العالمي هذا العام مرور ثمانين عامًا على تأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، التي كان ولا يزال تفويضها الأساسي ضمان تحرر الإنسانية من الجوع والحرمان.


اليوم، يعاني نحو 8.2 في المائة من سكان العالم من نقص التغذية المزمن. وللمقارنة، أظهر أول مسح غذائي عالمي أجرته المنظمة عام 1946 أن ما يقارب ثلثي سكان العالم آنذاك كانوا يعيشون في مناطق لا يتوفر فيها غذاء كافٍ. ومع ذلك، وفي عام 2025، وعلى الرغم من تضاعف عدد سكان العالم أكثر من ثلاث مرات، ينتج العالم ما يكفي من السعرات الحرارية لإطعام الجميع.


وبينما نحتفل بهذا اليوم ونتأمل التحديات الماضية والحاضرة والمستقبلية، نتذكر ما خلص إليه ذلك المسح القديم:
الاختيار هو بين التقدم إلى الأمام أو التراجع إلى الخلف.
لقد حققت منظمة الفاو ودولها الأعضاء الكثير: القضاء على مرض الطاعون البقري، وضع معايير سلامة الأغذية في المدونة الغذائية(Codex Alimentarius) ، مضاعفة إنتاج الأرز العالمي ثلاث مرات منذ إنشاء اللجنة الدولية للأرز في أواخر الأربعينيات، إبرام معاهدات دولية بشأن مصايد الأسماك والموارد الوراثية، إنشاء أنظمة إنذار مبكر لمراقبة الآفات والأمراض النباتية والحيوانية، تأسيس نظام معلومات الأسواق الزراعية (AMIS) لدعم التجارة، وتطوير إرشادات التغذية لمعالجة مشكلات التقزّم وكذلك الزيادة المفرطة في الوزن حول العالم.
وعندما بدأت موجات الجراد الصحراوي في عام 2019 – بالتزامن مع أصعب فترات جائحة كوفيد-19 – تم تعبئة 231 مليون دولار للمساعدة في احتواء الأزمة، مما أنقذ خسائر تُقدر بـ1.77 مليار دولار وضَمِن الأمن الغذائي لأكثر من 40 مليون شخص في 10 دول.


ويعود الفضل في هذه الإنجازات إلى الدول الأعضاء التي دعمت بثبات فكرة أن عالمًا خاليًا من الجوع هو عالم أفضل للجميع، سواء في الشمال أو الجنوب، الغني أو الفقير. وتُظهر هذه النجاحات وغيرها ما يمكن تحقيقه عندما تتضافر المعرفة والموارد والإرادة السياسية والشراكات الفعالة.


إن الحفاظ على روح التعاون التي سادت خلال الثمانين عامًا الماضية أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، إذ أصبح نظام الأغذية والزراعة العالمي مترابطًا إلى درجة أن أكثر من خُمس السعرات الحرارية في العالم تعبر الحدود الدولية قبل أن تُستهلك. وفي الوقت نفسه، فإن التهديدات العابرة للحدود — مثل الصدمات المناخية، والآفات، والأمراض، والأزمات الاقتصادية، والصراعات — لا تعرف حدودًا ويمكن أن تقوض سنواتٍ من التقدم في مكافحة الجوع وسوء التغذية. وكما نرى اليوم مع انتشار إنفلونزا الطيور الشديدة العدوى ودودة الحشد الخريفية والجراد، لا تستطيع أي دولة مواجهة هذه التحديات بمفردها.
علينا أن نضمن أن يتمتع أكثر من مليار شخص يعملون في نظم الأغذية والزراعة بالقدرة على الصمود ومواجهة المخاطر التي يتعرضون لها باستمرار.
لدينا اليوم التقنيات والآليات المالية المجربة والسياسات الداعمة والمعرفة والخبرة التي تمكننا من تحقيق هدف القضاء على الجوع بسرعة وفعالية. كما أن تمكين الوصول إلى الأسواق أمر أساسي لتقليص أوجه عدم المساواة التي تضعف القدرة على الصمود، ولضمان وصول الغذاء إلى حيث تكون الحاجة إليه. ويتطلب الاندماج الكامل في الأسواق تيسير الوصول إلى البذور المقاومة للجفاف، والمعايير المستدامة لمصايد الأسماك والغابات، والمعايير النباتية المتفق عليها، والتقنيات الرقمية، وأدوات إدارة الموارد المبتكرة، وأنظمة الإنذار المبكر.
لدينا كذلك إطار عمل واضح لتوسيع وتسريع جهودنا:
مبادرة يدًا بيد (Hand-in-Hand) التي تحدد فرص الاستثمار في المناطق الأكثر فقرًا وجوعًا، والأعلى في الإمكانات الزراعية.


مبادرة دولة واحدة، منتج واحد (One Country One Priority Product) التي تعزز المنتجات الزراعية الوطنية الفريدة لدعم النظم الغذائية المستدامة والازدهار الريفي.
برنامج التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي (South-South and Triangular Cooperation) الذي يعترف بدور الدول النامية كلاعبين رئيسيين في التنمية والحكم الاقتصادي العالمي، ويدعم الاستثمار والشراكات.


مبادرة القرى الرقمية (Digital Villages) التي تهدف إلى تمكين المزارعين من استخدام التقنيات الرقمية، وتوسيع فرص التجارة الإلكترونية، وسد الفجوة الرقمية.
التحالف العالمي لمجموعة العشرين ضد الجوع والفقر (G20 Global Alliance Against Hunger and Poverty) الذي يوحد الدول والشركاء لتعبئة الجهود والاستثمارات لإنهاء الجوع والحد من الفقر عالميًا.


وتعمل هذه المبادرات وغيرها بفعالية أكبر عندما تُنفذ بكفاءة واتساق.
في منظمة الفاو، نُجسد رؤيتنا من خلال الركائز الأربع الأفضل (Four Betters):
إنتاج أفضل: ليتمكن المزارعون من الإنتاج بموارد أقل؛
تغذية أفضل: لأن الجودة لا تقل أهمية عن الكمية؛
بيئة أفضل: للحفاظ على النظم البيئية الصحية ومنافعها المتعددة؛
حياة أفضل للجميع: لبناء الكرامة والفرص في المجتمعات الريفية.
معًا، تضمن هذه الركائز الأربع ألا يُترك أحد خلف الركب.
إذا اخترنا ألا نسعى نحو هذه الأهداف، فسنعود إلى الوراء.
وبعد ثمانين عامًا، لا يزال الجوع قائمًا، لكنه ليس حتميًا.
بروح التعاون المشترك، يمكننا — ويجب علينا — المضي قدمًا.
وباستمرار العمل الجماعي، يمكننا إنهاء الجوع وبناء مستقبل أفضل يسوده الأمن الغذائي للجميع.

بقلم الدكتور شو دونغ يو،المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو(


اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة