تُعد فاكهة القشطة، أو كما تُعرف علمياً بـ "Annona sp"، كنزاً حقيقياً من أشجار المناطق الحارة، وتتبع العائلة القشطية (Annonaceae). تُعرف هذه الفاكهة بأسماء متعددة في الوطن العربي، مثل "السفرجل الهندي" أو "الأناناس الهندي"، وتُسمى في عُمان "شجرة المستغفل"، وفي جنوب السعودية "شفلاح"، بينما تعرف عالمياً بـ "غوانابانا" أو "السرسب".
موطنها الأصلي هو أمريكا الاستوائية وجزر الهند الغربية، وتنتشر زراعتها في العديد من الدول العربية كـمصر ولبنان والسودان واليمن والمملكة العربية السعودية وعُمان وفلسطين والأردن. تتميز أشجارها بتحملها لدرجات الحرارة المرتفعة والجفاف، لكنها لا تتحمل البرودة.
القشطة: وصف نباتي.. من الأوراق للثمرة العطرة
شجرة القشطة صغيرة الحجم، نصف متساقطة الأوراق، التي تتميز بلونها الأخضر الباهت وملمسها الناعم. تظهر الأزهار في آباط الأوراق منفردة أو في مجموعات، وتتحول إلى ثمرة متجمعة تسمى "syncarpium"، تتكون من كرابل ملتحمة بالتخت اللحمي، وكل كربلة تحتوي على بذرة واحدة.الثمار صغيرة إلى متوسطة الحجم، كروية أو قلبية الشكل، لونها أخضر مصفر، وسطحها مفصص بوضوح. يتميز لحم الثمرة بلونه الأبيض ورائحته العطرة وطعمه الحلو ذو النكهة الممتازة. أما البذور فسمراء صغيرة الحجم. وتتساقط أوراقها القديمة دفعة واحدة قبل موسم تفتح البراعم وبدء النشاط في موسم النمو الجديد.
بيئة الزراعة والمسافات المناسبة:
تنجح زراعة القشطة في أنواع كثيرة من التربة، وتتحمل الزراعة في الأراضي التي ترتفع بها نسبة كربونات الكالسيوم (CaCo3). ومع ذلك، لا تتحمل القشطة سوء التهوية أو ارتفاع الرطوبة في التربة (مثل الأراضي الثقيلة أو الغدقة). وتجود زراعتها في التربة الطميية الخفيفة الخصبة جيدة الصرف، والتربة الصفراء، وكذلك في التربة الرملية.فيما يخص مسافات الزراعة، تُزرع الأشجار على أبعاد 5 × 7 أمتار في الأرض الطينية، وعلى بعد 3.5 × 5 أمتار في التربة الرملية.
التزهير والتلقيح: عقبات طبيعية تحتاج لـ"تدخل بشري"
تُزهر وتُثمر أشجار القشطة بعد حوالي 3 سنوات من الزراعة المستديمة. البراعم الزهرية مختلطة وتحمل جانبيًا على أفرع بعمر سنة أو على أفرع قصيرة تشبه الدوابر. يُشير الدكتور الشيمي إلى أن أزهار القشطة "خنثى مبكرة المتاع" وعديمة الرحيق، ولهذا "لا تجذب إليها الحشرات".تنضج الثمرة بعد حوالي 5-8 أشهر من تلقيحها، وقد تزيد المدة إذا تأخر التلقيح ودخل الشتاء والثمار لا تزال في طور العقد. وفي حالة عدم تخصيب البويضة، لا تتكون الكربلة، ويظهر انخفاض في سطح الثمرة مكانها، مما يؤدي إلى تشوهات في شكل الثمرة بسبب عدم نمو بعض الكرابل.

محصول وإنتاجية القشطة: أرقام واعدة تتطلب "تلقيح يدوي"
يزيد محصول القشطة سنويًا حتى يصل متوسط إنتاج الشجرة إلى 120 – 250 ثمرة سنويًا، أي ما يعادل 100-150 كجم، وذلك تبعًا لحالة الأشجار وكفاءة التلقيح اليدوي.يكتمل نمو ثمار القشطة "قلب الثور" في يونيو ويوليو، والبلدي من أواخر أغسطس حتى أكتوبر، أما الهندي ففي أكتوبر ونوفمبر. بينما يكتمل نمو صنف "عبد الرازق الشتوي" وكذلك صنف "فيني" في أكتوبر.
هام جداً: يجب عدم ترك الثمار لتنضج على الأشجار حتى لا تتشقق، بل تُجمع بعد اكتمال نموها ويتم إجراء إنضاج صناعي لها، على غرار الموز.
القيمة الغذائية المذهلة.. وصيدلية طبيعية
تُستخدم ثمار القشطة طازجة أو مصنعة، وتُعد غنية جداً بالمواد الضرورية للإنسان، من بروتين ودهون وكربوهيدرات وفيتامينات (أ، ب، ج) مقارنة بالفواكه الأخرى. فكل 100 جرام من الثمار تحتوي على 1.1 جرام بروتين، 0.5 جرام دهون، و21.5 جرام كربوهيدرات (عبارة عن سكريات ذائبة)، بالإضافة إلى 0.5 جرام ألياف.وليس هذا فحسب، بل تُستخدم الأوراق والجذور والقلف في علاج أمراض المعدة لفوائدها الطبية. كما أظهرت دراسات لباحثين في أمريكا اللاتينية عام 1970 أن مستخلصات القشطة قادرة على تقليل نمو 12 نوعًا من السرطانات (الأورام الخبيثة)، منها سرطان البنكرياس والمبايض والرحم والثدي والرئة والكبد، والقولون والبروستاتا والغدد الليمفاوية، إلى جانب فعاليتها في علاج أمراض القلب.
أبرز مشاكل إنتاج القشطة: "الرياح الجافة" و"التلقيح الضروري"
الرياح الجافة: تؤثر بشدة على العقد أثناء فترة التزهير والعقد، مما يؤدي إلى فشل التلقيح والإخصاب وتساقط الثمار الصغيرة. ويتحسن عقد الثمار وترتفع نسبته في الجو المرتفع الرطوبة (أكثر من 80%) مع درجة حرارة تتراوح بين 27 – 30 درجة مئوية.
وجود المياسم في مستوى أعلى من الأزهار المؤنثة.
اختلاف موعد نضج حبوب اللقاح: حيث تنضج مبكرًا عن الأزهار المؤنثة (ظاهرة Dichogamy).
قلة الروائح التي تجذب الحشرات.
ولهذه الأسباب، يُشدد الدكتور الشيمي على ضرورة إجراء التلقيح اليدوي، لأنه إذا تُرِكت الأشجار للطبيعة، ستُنتج محصولًا قليلًا جدًا وثمارًا مشوهة وغير منتظمة الشكل، وذلك بسبب التلقيح الخلطي غير الكافي الذي يتم عن طريق الحشرات.
الدكتور صادق الشيمي، أستاذ وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية