الإثنين، 20 شوال 1445 ، 29 أبريل 2024

المحررين

من نحن

اتصل بنا

الدكتور فوزي أبو دنيا يكتب..الدور المركب في مواجهة الحكومة لانفلات الأسعار

فوزي ابو دنيا
الدكتور فوزي محمد أبو دنيا
أ أ
نتيجة لعدم استقرار الأسعار والارتفاعات التي تحدث بصورة شبه يومية، فان ذلك يؤثر سلبا على دوران رأس مال التجار، حيث يتسبب في خفض القدرة الشرائية للتجار من البضائع بشكل كبير، لأنهم لا يستطيعون تحمل زيادات الأسعار التي تحدث من قبل المحتكرين والشركات الكبرى في هذا المجال.  




لم يعد ارتفاع أسعار بعض السلع الزراعية ناتجا عن تغيرات سعر الصرف وضعف العملة المحلية في مواجهة الدولار بل أن ذلك وبشكل كبير يعود إلى بعض الممارسات الاحتكارية التي تتم من كبار التجار والمستوردين، حيث أن تاجر التجزئة لا علاقة له بزيادة الأسعار، لقد تلاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع جنوني وغير مبرر في أسعار كثير من السلع الغذائية بشكل يفوق سعرها الحقيقي، وان هناك تفاوت كبير و"فروق جنونية" في أسعار المنتجات بين متجر وآخر. فنجد أن البصل تجاوز سعره 35 جنيها بينما "الثوم"، فقد تجاوز سعره 30 جنيها. 

فعلى الرغم من أن هناك نقصا في معروض بعض السلع بالسوق المحلية، إلا أنها في الحقيقة تتوفر عند بعض التجار ومصانع معينة، مثال على ذلك "البصل – السكر وغيرها"، والتي ارتفعت أسعارها بنسبة كبيرة جدا خلال أسبوعين فقط، بسبب احتكار بعض كبار التجار والمصانع للسلعة. حيث يوكد عدد ليس بالقليل من تجار السلع الغذائية في مصر أن استمرار تراجع حجم المعروض من البضائع خاصة البضائع الزراعية التي يمكن تخزينها لفترة معينة مثل البصل والحبوب والنباتات العطرية وغيرها نتيجة تخزينها واحتكارها من قبل بعض من التجار الكبار، يقف وراء الارتفاع المستمر في الأسعار ولهذا فان على الحكومة اتخاذ عديد من الإجراءات للتغلب على هذه المشكلة التي تستفحل يوما بعد يوم.




يكفي أن نعرف على سبيل المثال إن سعر كيلو الكمون في الأقصر جملة 260 جنيه ويباع في القاهرة بقيمة 430 جنيه، هذا الفرق الجنوني وغير المبرر لا يرجع في الواقع لحال سعر الصرف إنما يرجع للجشع الذي يعيش به البعض والذي يجب على الدولة مجابهته بكل قوة لضبط الأسوق والأسعار حتى لا يتسبب ذلك في تحميل المواطن المصري مالا يطيقه وما هو فوق قدراته المادية. إن هذا الأمر وان يبدو للبعض بسيط، لكنه غاية في الخطورة حيث انه يؤثر وبشكل مباشر على استقرار الأسر المصرية وضرب المجتمع المصري في العمق، فلا رب الأسرة أصبح يستطيع توفير الماديات التي تقابل تلك التغيرات في أسعار السلع بالأسواق، ولا السيدات المصريات أصبحت قادرة على تحمل فوق مالا تطيق من انتكاسات ماديه في المنزل المصري الذي يضج بالعديد من المسئوليات والمصروفات التي تنهك كاهل الأسر المصرية على كل المستويات. فالبيت المصري لم يعد يبحث عن الرفاهية بل أصبح يبحث عن الستر وتامين اقل ضروريات الحياة واحتياجات أفراد الأسرة المصرية البسيطة.

من اجل ذلك فإنني اقترح بناء شبكة تختص بإدارة تسويق الحاصلات الزراعية حتى يتم السيطرة على الأسواق ومنع الانفلات الحادث بها وذلك من خلال التعاون بين الجهات المنوط بها هذا الأمر من وزارة الزراعة، والتموين، والمحليات، والأوقاف، والإعلام، والجهة التشريعية، ثم هناك أيضا أفراد المجتمع نفسه والذين يجب أن يلعبوا دورا مهما للخروج من هذه الأزمة المفتعلة. وأفراد المجتمع هنا هم المنتجين والمستهلكين معا. حيث أن المنتجين، خاصة صغار المنتجين، والذين يتم تسويق منتجاتهم محليا، حيث أن هذه الفئة يقع عليها خسارة فادحة نتيجة ارتفاع التكاليف الخاصة بمستلزمات الإنتاج وانخفاض أسعار البيع التي يحصل بيها التجار على السلع من المزارع.   




(1) دور وزارة الزراعة – يجب على إدارة وزارة الزراعة تحديد مناطق الإنتاج الكثيف للمنتج الزراعي من خلال مديريات الزراعة وبشكل دوري بعد كل حصاد للمحاصيل خاصة التي ينجم عن تخزينها مشاكل احتكار. هذا الأمر سوف يساعد في تحديد المتوفر من السلع ويسهل للتخطيط في نقل وتسويق هذه السلع بما يعود بالنفع على المزارع وأيضا المستهلك الذي يحتاج للسلعة.

(2) دور وزارة التموين – حيث يجب على وزارة التموين وضع خطط للتجميع والنقل والتسويق من خلال المنافذ المسجلة المعتمدة والمرخصة وتحديد الأسعار شاملة هوامش الربح لكل سلعة على فترات منتظمة والاهتمام المستمر بهذا الأمر طيلة الوقت. كما يجب على وزارة التموين متابعة السلع الغذائية المستوردة وتحديد أسعارها بالسوق المحلى حتى لا يستغل ضعاف النفوس الموقف ويتلاعبون بالأسعار على حساب المواطن.

(3) دور المحليات والمحافظين في المحافظات – في الواقع يجب أن يكون هناك اهتمام ودور واضح في مراقبة الأسواق بعمل الضبطيات القضائية من خلال مفتشي التموين على مستوى مديريات التجارة وإدارتها المنتشرة في كل مركز من المراكز بكل محافظة وعلى جهات المحليات أن تلعب دورها المنوط بها في الرقابة على التجميع والتوزيع.

(4) دور وزارة الأوقاف – من الأدوار المهمة والمنوط بها وزارة الأوقاف أن تقوم بحملة من خلال المساجد لتوضيح حرمانيه احتكار السلع وتوعية أفراد المجتمع بمحاربة تلك الظاهرة التي تتفشى في المجتمعات التي تعاني مشاكل اقتصادية. في كل يوم جمعة يتكدس الناس في المساجد ليستمعوا الى خطب ما انزل الله بها من سلطان، وهنا لابد أن نشير أن العاملين بالأوقاف يجب أن يكون لهم دور إيجابي في التوعية والتركيز على حرمانيه هذا التوجه الذي حرمه الإسلام وكل الشرائع السماوية والإنسانية.




(5) دور الأعلام – للإعلام دوره الخطير في إظهار واقع ما يحدث في الأسواق من التجار الجشعين وأيضا التركيز على الدور السلبي للمواطن الذي يمكن أن يبحث عن سلع بديله إلا انه يصر على مجاره تلك الطائفة من التجار والشراء منهم. كذلك على الإعلام استضافة المتخصصين في حفظ المواد الغذائية لمدد طويلة دون تلف أو إجراء عمليات بسيطة لتصنيعها منزليا بتكاليف بسيطة وبأدوات تتوافر في كل منزل كي يسهم ذلك في تقليل الحمل المادي على كاهل الأسرة المصرية. 

(6) على الجهة التشريعية المسئولة عن وضع التشريعات الخاصة بالاحتكار بتغليظ العقوبات الخاصة بالاحتكار وتخزين السلع للمتاجرة بها على حساب أقوات المواطنين للحصول على مكاسب مادية نتيجة استغلالهم للظروف.

(7) دور الأفراد والمجتمع – يجب على أفراد المجتمع أن تكون إيجابية وتساعد في الوقوف ضد هذه الممارسات السيئة التي تضر بالوطن والمواطن حيث يجب نشر ثقافة المقاطعة والاستبدال"، وأنه "يتعين على الناس الإحجام عن شراء المنتجات التي يشعرون أنهم مخدوعون في أسعارها.




حفاظا على المجتمع المصري وتحقيق الاستقرار به وكذا بأسواق بيع السلع الغذائية فإنه من الواجب إنشاء شبكة تضم كل هذه الجهات معا للعمل ضمن منظومة واحدة لمواجهة هذا الانفلات. 

الأستاذ الدكتور/  فوزي محمد أبو دنيا المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني مركز البحوث الزراعية

icon

الأكثر قراءة