الأحد، 02 صفر 1447 ، 27 يوليو 2025

د. فوزي محمد أبو دنيا يكتب .. علاقة الإنتاج الحيواني باستدامة خصوبة التربة

د. فوزي محمد أبو دنيا
د. فوزي محمد أبو دنيا
أ أ
techno seeds
techno seeds
تعتبر الاستدامة أساس التنمية الزراعية في الريف المصري، وتأتى الاستدامة من توطيد العلاقة بين دور الحيوان والتربة والنبات من خلال منظومة التكامل الزراعي.

من المعلوم إن التربة الخصبة تعتبر أساس الإنتاج الزراعي، حيث توفر العناصر الغذائية والمياه اللازمة لنمو النباتات.

ومع ذلك، فإن الممارسات الزراعية غير المستدامة، مثل الإفراط في استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات، يمكن أن تؤدي إلى تدهور خصوبة التربة وتقليل إنتاجيتها.

في الريف المصري، حيث يعتمد جزء كبير من السكان على الزراعة كمصدر رزق، يصبح الحفاظ على خصوبة التربة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.

وبالتالي فانه من المهم أولا إدراك أهمية استدامة خصوبة التربة والتي يترتب عليها زيادة الإنتاجية الزراعية، حيث من المؤكد أن تضمن التربة الخصبة إنتاجية عالية للمحاصيل، مما يزيد من دخل المزارعين ويحسن مستوى معيشتهم.

وهذا يوفر إذا جيد للحيوانات يغطى احتياجاتهم من العناصر الغذائية التي يحتاجها الحيوان. من جانب أخر فان استدامة خصوبة التربة يعمل على تحسين جودة المحاصيل، وهذا الجانب مهم بالنسبة للإنسان والحيوان حيث أن المحاصيل المزروعة في تربة خصبة تحتوي على نسبة أعلى من العناصر الغذائية، مما يحسن من قيمتها الغذائية.، سواء من ناحية الإنسان أو من ناحية الحيوان أيضا.

كما تعمل استدامة خصوبة التربة على الحفاظ على الموارد الطبيعية حيث تساهم استدامة خصوبة التربة في الحفاظ على المياه والحد من تلوث البيئة. ولا يفوتنا أن ندرك دور استدامة خصوبة التربة في مواجهة تغير المناخ حيثتلعب التربة الخصبة دورًا هامًا في امتصاص الكربون وتخزينه، مما يقلل من تأثيرات تغير المناخ.

من هنا يمكن أن نتفهم التطبيقات التي تعمل على استدامة خصوبة التربة في الريف المصري، مثل دور الزراعة العضوية في الحفاظ على الاستدامة حيث يكون الاعتماد على الأسمدة العضوية والمبيدات الحيوية بدلاً من الكيميائية.

كذلك تحسين بنية التربة وزيادة محتواها العضوي. وأيضا تقليل تلوث المياه والهواء. كل هذا يحدث من استخدام روث الماشية في إنتاج السماد العضوي النظيف والغنى بعناصره الغذائية، وان هذا التطبيق أصبح سهل ويسير ويمكن ان يقلل من الاعتماد على الأسمدة الكيماوي خاصة وقت الأزمات مثل الأزمة الحادثة حاليا.

من ناحية أخرى تعتبر إدارة الآفات المتكاملة (IPM) مثل استخدام مجموعة متنوعة من الطرق للسيطرة على الآفات، بما في ذلك المكافحة الحيوية والزراعية.

تقليل استخدام المبيدات الكيميائية, الحفاظ على التنوع البيولوجي. كل هذه التطبيقات يمكنها المساهمة في توطيد العلاقة بين النبات والحيوان والتربة في علاقة متكاملة نفعية في المقام الأول ويستفيد منه الفلاح اقتصاديا وينكس بالتالي ذلك على الوضع القومي ,فلا مبيدات تتراكم في اللحوم أو الألبان أو منتجاتها ولا اثار سلبية تحدث على صحة الإنسان.

هذه التطبيقان ترتبط اقتصاديا ليس فحسب بإنتاجية التربة ولكنها ترتبط أيضا بإنتاجية الحيوان وصحة الإنسان وكل هذه الجوانب ترتبط بالجانب الاقتصادي والقدرة على العمل وصحة والمواطن وكثير من كثير.

بالإضافة الى ذلك الدورة الزراعية (التناوبالزراعة)، حيث ان زراعة محاصيل مختلفة بالتناوب يحسن من خصوبة التربة ومنع تراكم الآفات والأمراض. كذلك فان زراعة البقوليات تعمل على تثبيت النيتروجين في التربة.

كل تلك الجوانب تنعكس على المحصول والإنتاجية وتوافر العناصر الغذائية للإنسان والحيوان وكذلك العوائد الاقتصادية على مستوى الفلاح وعلى المستوى القومي.

كما إن استدامة خصوبة التربة ترتبط أيضا بالزراعة الحافظة، والتي تعتمد على الحد من عمليات الحراثة للحفاظ على بنية التربة.

ترك بقايا المحاصيل على سطح التربة لحمايتها من التعرية خاصة في الأراضي التي تتأثر بالرياح حديثة الاستصلاح والرملية في الواقع إن هذا التطبيق يعمل على تحسين قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه وبالتالي ترشيد استخدام المياه وتقليل الهدر منها وتقليل البصمة المائية سواء للمنتج الزراعي أو المنتج الحيواني الذي يقوم على الأراضي التي تحقق هذا التطبيق.

يعتبر إعادة تدوير المخلفات الزراعية عن طريق تحويلها إلى سماد عضوي مع روث الماشية أو الدواجن امر في منتهى الأهمية لاستدامة التربة حيث يعمل هذا التطبيق على تقليل التلوث البيئي.

بالإضافة الى تحسين خصوبة التربة. وفى النهاية ينعكس ذلك على الإنتاجية وجودتها وعلاقتها باحتياجات الإنسان والحيوان الغذائية واستمرارية الدورة بين الحيوان والتربة والنبات والمياه والبيئة وهكذا.

وفى هذا السياق لا يمكن ان ننسى نظام الرى، فقد وجد ان الري بالتنقيط لبعض المحاصيل يعمل على ترشيد استهلاك المياه وتقليل الفاقد.

كذلك تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة. بالإضافة الى تقليل تملح التربة. كل تلك النتائج الإيجابية تنعكس أيضا على استدامة خصوبة التربة وبالتالي على الإنتاجية والدورة بين الحيوان والبيئة والنبات. 

الأمر الهام في هذه الآونة وهو الاهتمام بالزراعة الذكية مناخياً من حيث تكييف الممارسات الزراعية مع تغير المناخ. بجانب استخدام تقنيات الري الحديثة والمحاصيل المتحملة للجفاف، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة من الزراعة.

وعلى الرغم من الحديث عن كل ما سبق إلا أن هناك تحديات تواجه استدامة خصوبة التربة في الريف المصري والتي تتمثل في صغر حجم الحيازات الزراعية.

وكذا نقص الوعي بأهمية الممارسات الزراعية المستدامة. وأيضا ارتفاع تكاليف تطبيق التقنيات الحديثة. بالإضافة الى تغير المناخ وتأثيره على التربة والمياه.

وللتغلب على تلك التحديات فعلينا اتباع تلك التوصيات التي يمكن ان تكون فاعلة لتعزيز استدامة خصوبة التربة، والتي منها توفير الدعم المالي والفني للمزارعين.

ونشر الوعي بأهمية الممارسات الزراعية المستدامة. وكذا تطوير السياسات والتشريعات التي تشجع على الزراعة المستدامة. وأيضا تفعيل دور الإرشاد الزراعي في نقل التقنيات الحديثة. بالإضافة الى تشجيع البحث العلمي في مجال استدامة خصوبة التربة.

ونحن اذ نرى ان من خلال تبني هذه التطبيقات والتغلب على التحديات، يمكن للريف المصري تحقيق استدامة خصوبة التربة وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة ودعم الرابط بين الحيوان والنبات والتربة والمياه.
ا. د. فوزي محمد أبو دنيا
المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة