الإثنين، 02 رجب 1447 ، 22 ديسمبر 2025

عز النوبي يكتب.. بين نصوص القانون وواقع السوق.. هل أخطأ نقيب البيطريين في ملف "منع تداول الدواجن الحية"؟

WhatsApp Image 2025-12-22 at 2.11.03 PM
الكاتب الصحفي عز النوبي و الدكتور مجدي حسن نقيب البيطريين
أ أ
techno seeds
techno seeds
على مدار 15 عاماً، لا يزال القانون رقم 70 لسنة 2009، الخاص بتنظيم وتداول الطيور الحية في مصر، حبيس الأدراج تارة ومحل جدل تارة أخرى. ومع تجدد الحديث عن تفعيله، خرجت تصريحات نقيب الأطباء البيطريين لتثير عاصفة من الجدل، لا سيما بين أبناء المهنة الواحدة. وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل أخطأ النقيب في تقديره للموقف؟ أم أن الهجوم عليه يفتقر للمبررات المنطقية ويتجاهل تعقيدات الواقع؟

الهجوم على النقيب.. دفاع عن "نص" وتجاهل لـ "صناعة"


كنت أتمنى قبل الانتقادات الموجهة لحديث النقيب حول صعوبة التطبيق العملي للإلغاء الفوري للتداول الحي، أن يلتفت المنتقدون إلى صلب الأزمة ،  وهي غياب آليات التنفيذ الفعلية التي ظلت مهملة لسنوات، حتى انتشرت العشوائية في الشوارع،و إن الهجوم الحالي يفتقر للمنطق،لأنه يتجاهل "فاتورة الواقع" التي تسبق أي نص قانوني.


شوارع مصر تحولت لثكنات لتداول الدواجن الحية.. فكيف يطبق قانون المنع؟


الحديث عن تفعيل القانون رقم 70 لسنة 2009 اليوم يواجه صخرة الواقع الصلبة التي تشكلت عبر سنوات من الإهمال،  فإذا عدنا إلى البداية، سنجد أنفسنا أمام مشهد عبثي،  إذ تحولت شوارع مصر من أقصاها إلى أدناها إلى "ثكنات" لتداول الدواجن الحية، حتى بات من المألوف أن تجد في الشارع الواحد من 3 إلى 4 محال لبيع الفراخ الحية تعمل بشكل عشوائي تماماً.

صغار المربين يمثلون 70% من إنتاج الدواجن.. فكيف يتم تطبيق قانون المنع؟


الجدل المثار حول تفعيل قانون منع تداول الدواجن الحية، وضع نقيب الأطباء البيطريين يده على "الوتر الحساس" للصناعة،  حيث أن الارقام  لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن أي تغيير جذري في المنظومة ، حيث يمثل صغار المربين ما بين 65% إلى 70% من إجمالي إنتاج الدواجن في مصر، وهي الكتلة الحرجة التي تجعل من إلغاء التداول الحي "معضلة اقتصادية" معقدة.

تفعيل منع تداول الدواجن الحية وبيعها "مبردة".. ضرورة صحية وتحديات واقعية


وأياً كان الجدل حول تصريحات النقيب العام للاطباء البيطريين  البيطريين ، يظل الحديث عن تفعيل منع تداول الدواجن الحية وبيعها "مبردة" مجرد شعارات ، ما لم نتطرق إلى تحديات التطبيق الفعلي وآليات التغلب عليها، الأمر ليس مجرد "قرار إداري"، بل هو عملية تغيير شاملة تتطلب تكاتفاً غير مسبوق بين كافة أجهزة الدولة المعنية.

تحدي "الذوق العام".. هل يتقبل المصريون البديل المبرد بدلاً من الطازج؟


ومن اسباب  تحديات  عدم تطبيق قانون70 لسنة 2009، الخاص بتنظيم وتداول الطيور الحية في مصر، أولاً: تحدي "ذوق المستهلك" والارتباط الثقافي تأتي على رأس قائمة التحديات ،  فالذوق العام في مصر لا يزال يربط بين الجودة وبين "الدواجن المذبوحة فوراً" داخل المحلات  ، هذا الارتباط النفسي يمثل تحدياً هائلاً أمام قبول الدواجن المجمدة أو المبردة، حيث تسود قناعة شعبية بأن التبريد قد يقلل من القيمة الغذائية أو الطعم.

إجراءات استباقية قبل تطبيق قانون الدواجن لضمان حماية "أصحاب المحلات"

بعيداً عن الجدل النظري، هناك خطوات أساسية لا بديل عنها قبل الشروع في التطبيق الفعلي لقانون منع تداول الدواجن الحية، لضمان ألا يتحول تنفيذ القانون إلى أزمة اجتماعية أو اقتصادية، إن نجاح هذه المنظومة مرهون باتخاذ إجراءات رسمية استباقية تضع مصلحة "صاحب المحل الصغير" في الاعتبار.

الدعم اللوجستي بوابة التحول.. بروتوكول لتمويل ثلاجات محلات الدواجن


 البداية من  الدعم اللوجستي كبوابة للتحول يأتي على رأس هذه الإجراءات  ، توقيع بروتوكول تعاون موسع بين وزارة الزراعة وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة  و الهدف من هذا البروتوكول ليس مجرد التنسيق، بل تقديم حلول مالية ملموسة تتمثل  ، فى  توفير ثلاجات التبريد والتجميد ، حتى يتم تمكين أصحاب المحلات من اقتناء المعدات اللازمة لتحويل نشاطهم من "الذبح الحي" إلى "البيع المبرد".

القروض الميسرة تضمن تحول محلات الدواجن إلى منافذ بيع حضارية مرخصة


لتطبيق قانون70 لسنة 2009، الخاص بتنظيم وتداول الطيور الحية في مصر ، لابد أن تكون منظومة القروض الميسرة تقديم تمويل بفوائد بسيطة وفترات سداد مريحة، مما يرفع عبء التكلفة الرأسمالية عن كاهل صغار التجار ويشجعهم على الانخراط في المنظومة الجديدة طواعية ، وتيسير عملية الانتقال هذه الخطوة تضمن عدم تضرر مئات الآلاف من الأسر التي تعتمد في رزقها على محلات الدواجن، حيث تحولهم من "جزء من الأزمة" إلى "جزء من الحل" (منافذ بيع حضارية مرخصة).

"تهيئة المجتمع".. استراتيجية وطنية قبل تطبيق قرار منع تداول الدواجن


الانتقال من ثقافة "الذبح الحي" إلى منظومة "التداول المبرد" ليس مجرد تغيير في آليات البيع، بل هو تحول اجتماعي وثقافي عميق يتطلب استراتيجية وطنية شاملة لـ "تهيئة المجتمع" قبل البدء في أي إجراءات عقابية أو رقابية.

حملات التوعية والحوار المجتمعي.. بوابة إقناع المواطن بقرار منع الذبح


حملات توعية وحوار مجتمعي شامل لا يمكن فرض القانون بمعزل عن قناعات المواطن،  لذا فإن الخطوة الأولى لضمان النجاح تكمن في إطلاق حملات توعية مكثفة ، تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى المستهلك، والتأكيد على أن الدواجن المبردة والمجمدة هي الخيار الأكثر أماناً وصحة ، لكونها خاضعة لرقابة بيطرية صارمة منذ لحظة الذبح وحتى وصولها للمستهلك.

هل نحن مستعدون لتطبيق قانون تداول الدواجن؟.. الإجابة تبدأ بالحوار


 وهل نحن مستعدين  لتطبيق قانون   70 لسنة 2009، الخاص بتنظيم وتداول الطيور الحية في مصر ، الاجابة تبدا  من إدارة حوار مجتمعي يضم كافة الأطراف من مربين، وتجار، ومستهلكين، وخبراء، لإقناع الجميع بضرورة القانون وأهميته.

"لا ضرر ولا ضرار".. مهلة زمنية وضمانات رسمية لحماية صغار المربين


"لا ضرر ولا ضرار" إن التطبيق الناجح يستلزم بالضرورة إعطاء فرصة زمنية كافية لأصحاب محلات الطيور لتوفيق أوضاعهم، وتجهيز محلاتهم بثلاجات حفظ اللحوم المبردة والمجمدة ، وتعهدات الأمان للمربين والتجار يجب التأكيد بضمانات رسمية على عدم تضرر أي مربي صغير أو صاحب محل من هذا التحول. إن طمأنة العاملين في هذا القطاع الحيوي بأن التحول سيكون سلساً ومدعوماً بإجراءات تحفيزية، هو الضمانة الوحيدة لمنع أي اضطرابات في سلاسل الإمداد أو ارتفاعات غير مبررة في الأسعار.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة