الأربعاء، 26 صفر 1447 ، 20 أغسطس 2025

الدكتور فوزى محمد ابودنيا يكتب .. إستخدام الترددات الراديوية في تتبع استهلاك الحيوانات للعلف

د. فوزي محمد أبو دنيا
د. فوزي محمد أبو دنيا
أ أ
techno seeds
techno seeds
في عالم التغذية الحديثة للحيوانات الزراعية، حيث الكفاءة والإنتاجية هما مفتاح النجاح، برزت تقنية حديثة فى مجال تغذية الحيوان وهى تحديد الهوية بالترددات الراديوية (Radio Frequency Identification,  RFID) كأداة ثورية في إدارة الثروة الحيوانية، لا سيما في تتبع استهلاك العلف لكل حيوان على حدة. تُعد هذه التقنية أساسًا للتغذية الدقيقة، التي تهدف إلى تحسين أداء الحيوان، تقليل الهدر، وزيادة الربحية للمزارع.

طريقة عمل أنظمة RFID في المزارع

تعتمد أنظمة RFID على مبدأ بسيط وفعال لنقل البيانات لاسلكيًا. تتكون هذه الأنظمة من ثلاثة مكونات رئيسية:

علامة (RFID Tag):

هي عبارة عن شريحة إلكترونية صغيرة تحتوي على بيانات تعريف فريدة للحيوان (عادةً رقم تسلسلي). يمكن أن تكون هذه العلامة في أذن للحيوان (Ear Tag)، أو كبسوله يتم ابتلاعها وتبقى داخل كرش الحيوان، أو حتى شريحة تزرع تحت الجلد.

تُصنف العلامات فى هذه الاداة عادةً إلى نشطة (Active) تحتاج إلى بطارية، وخاملة (Passive) تستمد طاقتها من قارئ RFID. العلامات الخاملة هي الأكثر شيوعًا في المزارع نظرًا لتكلفتها المنخفضة وعمرها الطويل.

قارئ (RFID Reader):

وهى عبارة عن جهاز يقوم بإصدار موجات راديو لالتقاط الإشارة من علامة RFID. يمكن أن يكون القارئ ثابتًا (مثبتًا عند محطات التغذية أو بوابات الدخول والخروج) أو محمولًا (يُستخدم يدويًا من قبل العاملين).

نظام إدارة البيانات (Data Management System):

وهو عبارة عن برنامج كمبيوتر يجمع البيانات من قارئ RFID، يخزنها، ويحللها. يُربط هذا النظام بقاعدة بيانات تحتوي على معلومات كل حيوان (السلالة، العمر، الوزن، التاريخ الصحي، الأداء الإنتاجي).

كيفية تطبيق RFID في تتبع استهلاك العلف

فى الواقع يتجلى الدور المحوري لـ RFID في تتبع استهلاك العلف في سيناريوهات التغذية الدقيقة فى الجوانب التالية:

محطات التغذية الذكية:

حيث تُثبت قارئات RFID عند محطات تغذية فردية داخل الحظائر. عندما يقترب حيوان معين من المحطة لتناول العلف، يقرأ القارئ علامة RFID الخاصة به.

وبالتالى يتم تسجيل وقت دخول الحيوان، وكمية العلف المتاحة له (وفقًا لبرنامجه الغذائي الفردي)، ومدة بقائه في المحطة. بمجرد مغادرة الحيوان، يقوم النظام بتسجيل كمية العلف المتبقية، مما يسمح بحساب الكمية التي استهلكها بدقة.

التعرف الفردي أثناء التوزيع الآلي:

في المزارع التي تستخدم أنظمة توزيع علف آلية أو روبوتات، يمكن لـ RFID تمكين الروبوت من التعرف على كل حيوان وتوزيع الكمية المخصصة له من العلف، أو حتى تركيبات علفية مختلفة (مثال: علف ببروتين أعلى للأبقار الحلوب عالية الإنتاج).

مراقبة سلوكيات التغذية:

فى الحقيقة لا يقتصر الأمر على كمية العلف المستهلكة فحسب، بل يمكن لـ RFID تتبع عدد مرات زيارة الحيوان لمحطة التغذية، ومدة كل زيارة، وسرعة تناوله للعلف. هذه البيانات السلوكية تُقدم رؤى قيمة حول شهية الحيوان وصحته. أي تغيير مفاجئ في نمط التغذية قد يكون مؤشرًا مبكرًا على مرض أو إجهاد.

العوائد والفوائد

يوفر تطبيق RFID  للمزارعين في تتبع استهلاك العلف العديد من الفوائد التى يمكن إجمالها فى النقاط التالية:
تحسين كفاءة التحويل الغذائي: من خلال معرفة استهلاك كل حيوان، يمكن للمزارع تعديل التركيبات الغذائية لضمان حصول الحيوان على احتياجاته بدقة، مما يقلل من هدر العلف ويُحسن من تحويله إلى لحم، حليب، أو بيض.

الكشف المبكر عن المشاكل الصحية: من خلال مراقبة التغيرات في أنماط التغذية (مثل انخفاض مفاجئ في استهلاك العلف) تُعد مؤشرًا قويًا على بداية المرض.

يسمح RFID بتنبيه المزارع لهذه التغيرات فورًا، مما يتيح التدخل السريع وعلاج الحيوان قبل تفاقم حالته.
تعزيز الإنتاجية الفردية: من خلال توفير التغذية المثلى لكل حيوان، يمكن للمزارع تحقيق أقصى إمكاناته الإنتاجية (مثال: زيادة إنتاج الحليب للأبقار الحلوب).

تقليل الهدر والتكاليف: عن طريق تجنب التغذية الزائدة أو الناقصة مما يُقلل من تكاليف العلف، وهي أكبر جزء من نفقات الإنتاج الحيواني.

وبذلك نرى أن هذه التقنية تُوفر بيانات مفصلة عن استهلاك العلف والأداء، مما يُسهل تتبع الأنساب، وتقييم السلالات، واتخاذ قرارات إدارية أفضل.  من ناحية اخرى تحسين كفاءة استخدام العلف حيث تُقلل من البصمة البيئية للمزرعة، من خلتل تقليل الهدر، مما ينعكس على انخفاض الحاجة لإنتاج كميات أكبر من الأعلاف، ويُقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بعملية الهضم (خاصة الميثان من المجترات).

الموانع  والآفاق المستقبلية لتلك التقنبة

على الرغم من المزايا العديدة، تواجه أنظمة RFID بعض التحديات مثل التكلفة الأولية لتركيب النظام، وحاجتها إلى بنية تحتية تقنية جيدة. ومع ذلك، فإن التطور المستمر في تكنولوجيا هل  وتكاملها مع أنظمة الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء (IoT)، يجعلها لا غنى عنها في مزارع المستقبل. تُشكل أنظمة RFID حجر الزاوية في التحول الرقمي للقطاع الحيواني، مما يُمكّن المزارعين من إدارة قطعانهم بذكاء أكبر، وتحقيق أقصى قدر من الكفاءة، وضمان مستقبل أكثر استدامة لإنتاج الغذاء.

ا. د. فوزى محمد ابودنيا
المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة