تواجه مصر تحديًا مائيًا متصاعدًا، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 550 مترًا مكعبًا سنويًا، في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتياجات اللازمة للتوسع العمراني والزراعي والصناعي. ورغم أن تحلية مياه البحر أصبحت ركيزة أساسية للأمن المائي القومي، إلا أن التكلفة التشغيلية والرأسمالية العالية تُعد العائق الأكبر أمام توسعها السريع.

تحول جذري نحو تكامل مصادر المياه والطاقة الشمسية

خلفية الأزمة: التحدي المائي وتكلفة التحلية المرتفعة

يُشير د. إسماعيل طه، رئيس مجلس إدارة بايوجراند، في مذكرة سياسات مقدّمة للجهات الحكومية المعنية، إلى أن التكلفة الحالية لإنتاج المتر المكعب من المياه المحلاة تتراوح بين 15 و 25 جنيهًا مصريًا. هذه التكلفة المرتفعة، بالإضافة إلى الاعتماد شبه الكامل على الطاقة الكهربائية التقليدية، تُضعف القدرة على توفير نموذج اقتصادي يُمكنّ من التوسع الزراعي والصناعي المستدام.

المحور الاستراتيجي: نموذج "النظام الهجين للمياه"

يهدف المقترح إلى تقديم نموذج وطني مستدام لزيادة موارد المياه المحلاة والمُستخدمة في الزراعة والصناعة، لخفض تكلفة المتر المكعب إلى ما لا يتجاوز 8–10 جنيهات، بدلاً من التكلفة الحالية البالغة 20–25 جنيهًا.

يعتمد هذا النموذج العملي على دمج متكامل لثلاثة مصادر رئيسية:

المميزات الاقتصادية والتشغيلية للمقترح
النموذج الهجين يقدّم حلولاً فورية ومجدية:
خفض التكلفة: تحقيق تخفيض إجمالي في تكلفة المياه بنسبة تتراوح بين 50% و 60%.
ملاءمة المشاريع الكبرى: يتناسب النموذج فورًا مع مشروعات الاستصلاح الزراعي العملاقة مثل (الدلتا الجديدة، وغرب المنيا، وتوشكى).
سرعة التنفيذ: إمكانية التنفيذ والتشغيل في غضون 6–12 شهرًا.

الأمن المائي: الابتعاد عن الاعتماد على مصدر واحد للمياه (Single-Source Dependency) واعتماد مزيج آمن ومتكامل.

تمكين القطاع الخاص: تسهيل مشاركة القطاع الخاص عبر صيغة الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP

التوصيات وآثارها الاستراتيجية

لتحويل هذا المقترح إلى واقع تنفيذي، طرح د. طه مجموعة من التوصيات التطبيقية العاجلة:

تشكيل لجنة مشتركة تضم وزارات الإسكان، الري، الزراعة، الصناعة، وممثلي القطاع الخاص.

البدء بمشروع نموذجي في منطقة ذات أولوية كـ "الدلتا الجديدة" أو "غرب المنيا".

طرح أول مشروع PPP متكامل بالطاقة الشمسية للتحلية والمعالجة بعقد طويل الأجل (25 سنة).

تحفيز الصناعة الوطنية لإنشاء وحدات تحلية صغيرة ومُجمّعة (Modular) لخفض التكاليف وزيادة سرعة التنفيذ.

الآثار الاستراتيجية المتوقعة:

على الأمن الغذائي: تمكين استصلاح ما بين 1 إلى 1.5 مليون فدان جديد، وخفض الاعتماد على مياه النيل في الري بنسبة تصل إلى 10–15%.
على الاقتصاد الوطني: خفض فاتورة واردات الغذاء، وخلق آلاف الوظائف، وتقليل العجز في الموارد المائية.

على الصناعة: دعم المصانع المحلية لمعدات المياه والمحابس، وتمكين المصانع في المناطق الساحلية من الحصول على مصدر مياه مستدام.

الخلاصة: يُمثل "النموذج الهجين" تحولًا استراتيجيًا لمصر في ملف المياه، يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والتكامل في الموارد والطاقة النظيفة، ليُحوّل التحلية من عبء اقتصادي إلى قوة إنتاجية تدعم التنمية الشاملة، ويحقق معادلة: مياه أرخص، إنتاج أعلى، وأمن غذائي أقوى.

إسماعيل طه رئيس مجلس إدارة بايوجراند