الإثنين، 02 رجب 1447 ، 22 ديسمبر 2025

د. محمود إبراهيم السيد يكتب.. دور البادئات الوقائية في إنتاج منتجات ألبان مستدامة وخالية من المواد الحافظة الصناعية

د-Recovered-Recovered-Recovered-Recovered
د. محمود إبراهيم السيد
أ أ
techno seeds
techno seeds
خلال السنوات الأخيرة، إزداد وعي المستهلكين بالمخاطر الصحية التي تشكلها المواد الحافظة الكيميائية المضافة للأغذية. ونظراً لأن الألبان ومنتجاتها من الأغذية سريعة التلف، فقد أدى ذلك إلي زيادة البحث عن مواد حافظة جديدة وآمنة، وأساليب حفظ مبتكرة تساعد على إطالة فترة صلاحية منتجات الألبان وتمنع تلفها، مع قدرتها علي مقاومة مسببات الأمراض الميكروبية. ولذلك تعد البادئات الوقائية (Protective Cultures)  أحد أهم الابتكارات الحيوية الحديثة، والتي أحدثت تحولًا جوهريًا في صناعة الألبان علي مستوي العالم. حيث تُضاف هذه البادئات الوقائية إلى اللبن ومنتجاته بهدف منع نمو الميكروبات الممرِضة والميكروبات المسببة للفساد دون التأثير على القيمة الغذائية أو الخصائص الحسية.

وتُعتبر هذه التقنية أحد أعمدة الصناعة الحديثة التي تجمع بين السلامة والجودة، وتقليل الحاجة إلى المواد الحافظة التقليدية، مما يجعلها محورًا أساسيًا في تطوير منتجات الألبان وزيادة قدرتها التنافسية سواء في الأسواق المحلية أو الدولية.

وقد بلغ السوق العالمي للبادئات الوقائية 429 مليون عام 2025 ويتوقع أن يصل إلي 753 بحلول عام 2030. ولذلك سوف نتعرف سويا  في هذا المقال الموجز علي الدور الفعال والمحوري للبادئات الوقائية في تطوير وتحسين جودة منتجات الألبان.

أولًا: مفهوم البادئات الوقائية ودورها الحيوي:

يشير مصطلح البادئات الوقائية إلى مجموعات مختارة بعناية من البكتيريا النافعة مثل بعض سلالات اللاكتوباسيلس Lactobacillus، و الإستربتوكوكس  Streptococcus ، و البيفيدوباكتيريم Bifidobacterium.

ولوحظ أن أكثر أنواع البكتيريا الوقائية شيوعًا في الأغذية تنتمي إلى جنسي اللاكتوباسيلس والبيفيدوباكتيريوم. وتتميز هذه البادئات الوقائية بقدرة طبيعية على إفراز مواد مثبطة للميكروبات الضارة مثل البكتريوسينات، والإنزيمات، والأحماض العضوية (مثل حمض البروبيونيك، و حمض الأسيتيك)، أو مزيج مما سبق.

علاوة علي أن نواتج أيض هذه السلالات  (مثل الهيدروجين بيروكسيد ، والأسيتوين، وثنائي الأسيتيل) لها نشاطاً مضاداً للميكروبات أيضًا. وبالتالي يتضح لنا أن دور هذه السلالات لا يقتصر فقط علي  كونها عناصر تخمير، بل تعمل أيضا كـ"خط دفاع ميكروبي" يمنع نمو وتكاثر العديد من مسببات الفساد مثل بكتيريا سيدوموناس Pseudomonas  أو مسببات الأمراض مثل بكتيريا ليستيريا مونوسيتوجينس Listeria monocytogenes (وهي من أخطر الميكروبات المرتبطة بالألبان)، المكورات العنقودية Staphylococcus aureus، والإيشريشيا كولاي Escherichia coli.

كما تتميز هذه السلالات البكتيرية الوقائية بأنها تتعايش بشكل متوازن مع الميكروفلورا الطبيعية داخل المنتج دون إحداث أي تأثير سلبي سواء على الطعم أو القوام، مما يجعل استخدامها حلًا مثاليًا للصناعات التي تستهدف تقليل إستخدام المواد الحافظة الكيميائية وزيادة الاعتماد على الحلول الحيوية الآمنة. 

ولتبسيط الأمر يمكن تلخيص آلية عمل هذه البادئات الوقائية في ثلاث ركائز أساسية: 
أ‌- المنافسة على الغذاء:مما يحد من توافر العناصر الغذائية اللازمة لنمو الميكروبات الممرضة و المفسدة للمنتجات.

ب‌- خفض pH: نتيجة إنتاج الأحماض العضوية، وهو ما يمنع نمو معظم مسببات الفساد.

ت‌- إنتاج مضادات ميكروبية طبيعية: حيث تقوم بتثبيط البكتيريا الضارة والفطريات والخمائر كما سبق ذكره.

ثانيًا: أهمية البادئات الوقائية في تحسين سلامة منتجات الألبان

تمثل سلامة الغذاء العنصر الرئيسي الذي تعتمد عليه صناعة الألبان الحديثة. وتلعب البادئات الوقائية دورًا محوريًا في تعزيز هذه السلامة من خلال عدة مسارات:

1- منع نمو مسببات الأمراض: حيث تفرز البادئات الوقائية مركبات طبيعية مضادة للميكروبات الممرضة مثل اللاكتيك أسيد، وفوق أكسيد الهيدروجين ، والبكتريوسينات ( مثل النيسين  (E234) Nisin ، و البيديوسين Pediocin  ، الإنتيروسين Enterocin وغيرها) ، حيث تخلق هذه المواد بيئة غير مناسبة لنمو البكتيريا الممرضة.

وهذا يعني أن المنتجات تصبح أقل عرضة للتلوث أثناء التخزين أو التداول، مما يرفع من مستوى الأمان الغذائي ويقلل من حدوث حالات التسمم. وقد استُخدمت البكتيريوسينات في الحفظ الحيوي لأنواع مختلفة من الأطعمة، إما منفردة أو بالاشتراك مع طرق حفظ أخرى، فيما يُعرف "بتقنية الحواجز". وتتميز البكتيريوسينات بآليات عمل متباينة، ويمكن تقسيمها حسب طريقة عملها إلى نوعين: بكتيريوسينات قاتلة للبكتيريا (سواءً مع تحلل الخلايا أو بدونه)، وبكتيريريوسينات مثبطة فقط لنمو الخلايا.

2- وجد أن إستخدام اللاكتيسين 481 و 3147  (وهو بكتريوسين مضاد للميكروبات الممرضة ، وتنتجه بعض سلالات Lactococcus lactis ) ،على الأجبان الطازجة المخزنة في درجات حرارة التبريد، قد أدى إلى خفض أعداد بكتيريا الليستيريا خلال التخزين.

كما أظهر اللاكتيسين 3147 دورا فعالا في القضاء علي بكتيريا الليستيريا و باسيلس سيريس Bacillus cereus في لبن الأطفال، والزبادي، والجبن الطري. كذلك وجد أن للاكتتستن 481 نشاط مثبط لبكتيريا كوليستيريديوم تيفيميوريم Clostridium tyrobutyricum المسببة للتيفويد.

وعامة، يُعدّ استخدام البكتيريا المنتجة للبكتيريوسينات (البادئات الوقائية) لمكافحة الكائنات الحية الدقيقة الملوثة، بديلاً أمثل وأرخص للبكتيريوسينات النقية. وتتمتع العديد من أجناس وأنواع بكتيريا حمض اللاكتيك بتاريخ طويل من الاستخدام الآمن، وقد مُنحت تصنيفات الإعتماد الآمن GRAS وQPS.

3- تقليل الاعتماد على المواد الحافظة الكيميائية: حيث تسعي الأسواق العالمية حالياً إلي توفير منتجات غذائية "أنظف تركيبًا " (Clean Label Products)، أي المنتجات التي تخلو من المواد الصناعية. وهنا تلعب البكتيريا الوقائية دورًا مباشرًا في تقليل الحاجة للمواد الحافظة مثل النترات والنيتريت والمواد الصناعية المضادة للميكروبات مثل بنزوات الصوديوم، سوربات البوتاسيوم، مما يجعل المنتج أكثر قبولًا بالنسبة للمستهلك وأكثر التزامًا بالمعايير الصحية الحديثة. 

4- إطالة فترة صلاحية منتجات الألبان: حيث تحد البادئات الوقائية من نمو الميكروبات المفسدة والتي تسبب إنتاج الروائح غير المرغوبة، وتغير اللون، وانفصال الشرش، وتعفن المنتجات. مما يترتب عليه إطالة فترة صلاحية العديد من المنتجات مثل اللبن المبستر، الجبن الطري، الزبادي، وغيرها، دون المساس بالطابع المميز لهذه المنتجات.

5- اللبن المبستر: فنجد أن استخدامها يسهم في منع أو إعاقة نمو وتكاثر الميكروبات المحبة للبرودة مثل بكتيريا سيدوموناس Pseudomonas sp.  والتي تسبب الطعم المر والروائح غير المقبولة. وتعد هذه مشكلة كبيرة في مراكز التجميع والتوزيع، مما يجعل هذا الحل الحيوي فعالًا ومطلوبًا.

ثالثًا: دور البادئات الوقائية في تحسين الخصائص الحسية لمنتجات الألبان

أما عن الفوائد غير المباشرة التي تقدمها هذه السلالات الوقائية لصناعة الألبان فهو قدرتها على تحسين الصفات الحسية للمنتجات وزيادة تقبل المستهلكين للمنتجات اللبنية، وهو عامل رئيسي في نجاح أي منتج. وتشمل هذه التحسينات ما يلي:

1. تعزيز النكهة الطبيعية: تساعد بعض السلالات الميكروبية  الوقائية على تحسين مستوي نضج الجبن وإطلاق الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية الحرة،  بالإضافة إلي العديد من المركبات العطرية المرغوبة والتي تعطي للجبن الطعم والنكهة المميزة لكل صنف، مما يمنح الجبن الناتج  طابعًا أكثر ثراءً واتزانًا في الطعم والنكهة.

2. تحسين خصائص القوام واللزوجة: حيث تقوم  بعض سلالات البادئات الوقائية بإفراز السكريات العديدة (Exo- polysaccharides, EPS)  في الوسط الذي تنمو فيه ، ويؤدي وجود هذه السكريات العديدة إلي تحسن في لزوجة الألبان المتخمرة مثل الزبادي، كما تحد من حدوث ظاهرة انفصال الشرش، وهي من المشكلات التي تقلل من جودة منتجات الألبان ومن تقبل المستهلك لها.

3. التحكم في مستوي الطعم الحامضي للمنتج: فنجد أن بعض سلالات البكتيريا الوقائية تتحكم في معدل التحلل الحيوي داخل المنتج مما يمنع الإنتاج الزائد من الأحماض العضوية وبالتالي يحافظ على استساغة المستهلك للمنتج لفترة أطول. 

رابعًا: توظيف البادئات الوقائية في إنتاج المشروبات اللبنية الوظيفية

أصبحت المشروبات اللبنية الوظيفية  أحد أهم المنتجات المتنامية في السوق، والتي تحظي بقبول كبير لدي المستهلكين. ومشروبات الألبان الوظيفية تتميز بإحتوائها بجانب المكونات الغذائية الهامة علي مكونات أخري وظيفية تلعب دورا حيويا في تحسين صحة المستهلكين ومقاومتهم للأمراض المختلفة، كما تساعد علي قيام الجسم بعملياته الفسيولوجية المختلفة وتخلصه من السموم.

ويعتمد الكثير من هذه المنتجات الوظيفية على البكتيريا الوقائية لتعزيز القيمة الصحية والأمان الميكروبي. وتعمل السلالات الوقائية هنا على تحسين استقرار المنتج ومنع تكوّن الرواسب وتغير الطعم والنكهة خلال التخزين. كما تسهم في تثبيط نشاط الفطريات والخمائر التي قد تسبب انتفاخ العبوات أو تغير مذاق المنتج.

كما تساهم بعض هذه السلالات البكتيرية الوقائية في تعزيز القيمة الوظيفية للمشروبات اللبنية من خلال تحسين توازن الميكروبيوم المعوي إذ تتمتع هذه السلالات بميزة إضافية وهي كونها بروبيوتك.

وقد أظهرت التجارب أن إضافة البكتيريا الوقائية تسهم في الحفاظ على تجانس قوام المنتج خلال فترة الصلاحية، كما تقلل من معدلات التدهور في خصائصة الحسية.

خامساً: القيمة الاقتصادية للبادئات الوقائية في صناعة الألبان

لا تقتصر فوائد البادئات الوقائية على المستوى الصحي والتكنولوجي فقط، بل تمتد لتشمل الربحية والاستدامة، كما يلي:
أ‌- تقليل نسبة الهدر: حيث أن إطالة فترة الصلاحية وتحسين الثبات التخزيني للمنتج يقللان من معدل إرجاع المنتجات بسبب التلف. ومن المعروف أن حدوث الفساد في منتجات الألبان يسبب زيادة في الخسائر السنوية للمصنعين بشكل كبير، وخاصة في الدول التي تعاني من ضعف في سلاسل التبريد سواء خلال النقل أو التداول.

وتشير التقديرات العالمية إلى أن إضافة البكتيريا الوقائية قد تقلل الفاقد في الجبن والزبادي بنسبة تتراوح بين 20–40%، مما ينعكس مباشرة على أرباح المصنعين ويزيد من فرص تسويق المنتج لفترة أطول دون مشكلات.

ب‌- رفع القدرة التنافسية: فالمنتجات التي تحتوي على بادئات وقائية تكون أكثر ثباتًا وجودة مما يحسن من معدل تنافسيتها سواء في السوق المحلي أوالدولي.

ت‌- خفض تكاليف الإنتاج: حيث يؤدي تقليل الإعتماد على المواد الحافظة الكيميائية  والمعاملات الحرارية القاسية إلى خفض التكلفة الإنتاجية وبالتالي زيادة الربح، مما يعود بالنفع سواء علي المنتج أو الإقتصاد القومي.

ث‌- تحسين فرص التصدير: الدول المستوردة  تكون أكثر اطمئنانًا وتقبلاً للمنتجات المحتوية على حلول حيوية طبيعية (مثل البادئات الوقائية ) وتفضّلها على المنتجات المحتوية علي المواد الحافظة الصناعية. وهذا يساعد علي زيادة معدلات تصدير منتجات الألبان وتوفير العملة الصعبة ، مما يعود بالنفع علي الدخل القومي.

سادساً : دور البادئات الوقائية في تعزيز الاستدامة

تعتمد صناعة الألبان الحديثة على مبدأ الاستدامة البيئية وتقليل الأثر البيئي لمصانع إنتاج الألبان. فنجد أن البادئات الوقائية تساهم بشكل مباشر في هذا المبدأ من خلال:  تقليل الهدر الغذائي، تقليل استهلاك الطاقة المرتبط بعمليات التسخين والتعقيم، تقليل الانبعاثات الناتجة عن تلف المنتجات، الحد من استخدام المواد الحافظة الكيميائية في الصناعة، دعم التحول نحو منتجات "نظيفة وصديقة للبيئة".

كل هذا يجعل من هذه التقنية الفريدة عنصرًا أساسيًا في بناء صناعة ألبان مستدامة، تواكب توجهات الأسواق العالمية وتلبي إحتياجات ورغبات المستهلك.

سابعاً: رؤية مستقبلية لدور البادئات الوقائية في صناعة الألبان

تشهد مجالات وتطبيقات التكنولوجيا الحيوية تطورًا سريعًا ومذهلاً، ويتوقع الخبراء أن تتجه هذه الصناعة الهامة نحو:
1. تطوير سلالات وقائية معدلة وراثيًا بهدف إنتاج بكتريوسينات عالية القوة وبكميات أكبر.

ويأمل هذا التوجه إلي إنتاج سلالات منتجة للبكتريوسينات بكفاءة أعلى وثبات أكبر في ظروف المصنع (مثل درجة حرارة، الملوحة، pH)، ما يمنح هذه السلالات قدرة تثبيط أقوى ضد مسببات الفساد والبكتيريا الممرضة.

2. إنتاج حساسات ذكية (Smart Biosensors) للربط بين السلالات والرقابة المباشرة على المنتج. حيث يمثل تطوير حساسات ذكية  خطوة متقدمة في تطبيقات البادئات الوقائية داخل مصانع الألبان. وتهدف هذه التقنيات إلى إنشاء أدوات مراقبة دقيقة تربط بين سلوك السلالات البكتيرية الوقائية وبين جودة المنتج النهائي خلال فترة التخزين.

وتعتمد هذه الحساسات على مبادئ الهندسة الحيوية والتحليل الجزيئي، مما يساعد المصانع علي اكتشاف أي تغيّر ميكروبي خطير أو بداية فساد قبل ظهور العلامات الحسية علي المنتج.

3. تصميم "مُزارع حيوية مخصصة" لكل نوع جبن أو زبادي علي حده، بحيث تلائم خصائص كل منتج.

4. دمج البكتيريا الوقائية في تركيبة الأغلفة الحيوية (Bioactive films) وإستخدامها في تغطية أسطح الجبن، وخاصة الجبن الجاف لمنع نمو الفطريات المنتجة للسموم الفطرية. وتسمح هذه التقنية أيضاً بتعديل سمك ونفاذية الغلاف ليتوافق مع نوع الجبن ووقت التسوية الملائم لها، وتجنب إضافة مواد حافظة كيميائية.

5. الدمج بين البكتيريا الوقائية والبروبيوتيك لإنتاج منتجات ذات فوائد طبية وغذائية عالية.

6. إستخدام  تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل أداء هذه السلالات داخل المنتج.

كل هذه الاتجاهات الحديثة ستضع البادئات الوقائية في صدارة تقنيات الجودة في صناعة الألبان خلال العقود القادمة.

وختاماً، فإن استخدام البادئات الوقائية يمثل إحدى أهم الركائز الحديثة في تطوير صناعة الألبان، وتحسين جودة منتجاتها. فهذه البادئات أو السلالات الوقائية لا تعمل فقط كعامل حماية ضد الميكروبات الممرضة أو المتلفة للمنتج، بل تسهم أيضا في تحسين الخصائص الحسية للمنتجات، وزيادة فترة صلاحيتها.

علاوة علي تقليل تكاليف الإنتاج، ودعم الاستدامة، وتحقيق منتجات أكثر أمانًا و تقبلا من المستهلكين. لذلك أصبحت هذه السلالات خيارًا استراتيجيًا في مصانع الألبان، وركيزة أساسية لكل من يسعى إلى تطوير منتجات قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

د. محمود إبراهيم السيد
مركز البحوث الزراعية - معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – قسم بحوث تكنولوجيا الألبان
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة