الإثنين، 02 رجب 1447 ، 22 ديسمبر 2025

د. مروة فاروق تكتب.. الاستفادة من مخلفات الاحياء المائية لانتاج الجيلاتين

gh02
الجيلاتين البحري
أ أ
techno seeds
techno seeds
تعتبر الأسماك من أهم مصادر الثروة المائية منذ العصر الحجرى الحديث فقد استوطن المصرى القديم قريباً من مياه النيل خاصة فى فصل الفيضان وكانت غنية بالأسماك التى تعيش فى مياهها، وكان أكل السمك محرما فى بعض أيام السنة ولعلهم أرادوا بذلك إفساح المجال لتتكاثر الأسماك فى النيل حيث تقل الأسماك فى وقت انخفاض الماء، ولقد ترك  الفراعنة نقوشا بديعة تفيض بالحياة لدرجة تثير الدهشة للأسماك النيلية خاصة على جدران معبد الدير البحرى بطيبة، ومن هذه الأسماك ما يمكن تمييزه بسهولة مثل أسماك البياض، وكان بعض المصريين القدماء يقدسون الأسماك، ويحرمون صيدها أو لمسها أو أكلها مثل اسماك قشر البياض, البنى وثعبان الماء ويعتقدون إنها أرواح طيبة من أرواح الماء، ولقد برع المصريون القدماء فى حفظ الأسماك وتجفيفها، واستخراج البطارخ من بعض أنواعها كما يرى ذلك فى أحد رسوم مقبرة بسقارة، وكانت الأسماك تحنط وتحفظ فى المقابر مع أنواع الطعام والشراب الأخرى.

وفى العصر الإغريقي ظهرت الأسماك فى كثير من المناظر أما فى العصر المسيحى فقد أصبحت الأسماك لها معنى جديد، فأصبحت من رموز المسيحية ومن مميزات الفن القبطى فى مصر، وكانت السمكتان المتقاطعتان رمزاً محبباً للفن القبطى فى عصور الاضطهاد، ويلاحظ أن تصوير السمك فى الفن القبطى يعتبر امتداداً لمناظر الصيد فى مصر القديمة إذ أن هناك تشابهاً كبيراً بينهما فترى السمك فى الماء والقارب والصياد منهمكا فى الصيد.

أن الاهتمام بالثروة السمكية هى من أبرز الحلول لتحقيق الأمن الغذائى إذا ما أحسن رعايتها والنهوض بها مع تطبيق العناية الصحية اللازمة لحماية الأسماك من الأخطار الناجمة من إصابتهابالأمراض وحمايةالمستهلك من الأمراض التى تنقلها الأسماك وذلك من خلال الأساليب العلمية المناسبة، وإذا كان الإنتاج السمكى يعطى عائدا يقدر بنحو 6 مليارات جنيه فإن وضع حلول عاجلة لمشاكل البحيرات المصرية (قارون, إدكو, المنزلة,التمساح,  يمكن أن يضاعف هذا العائد لتصبح الثروة السمكية أحد اوائل مصادر الدخل القومى المصرية. 
ويجب ألا نغفل قيمة وأهمية الثروة السمكية، فهى تعد مصدراً هاماً للبروتين والبديل البروتينى المتاح لمحدودى الدخل والطبقات الشعبية من المستهلكين المصريين، وتعتبر الأسماك من المواد الغنية بالعديد من العناصر الهامة اللازمة لنمو وبناء جسم الإنسان، كما تتميز بخلوها من الكولسترول بالإضافة إلى مذاقها الطيب مع سهولة هضمها، كما أن للأسماك ومخلفاتها إسهامات كبيرة فى صناعة العلائق المستخدمة فى تربية وتسمين حيوانات المزرعة والدواجن .
من الوجهة الاقتصادية فإن إنتاجية الثروة السمكية منخفضة التكاليف بالمقارنة إلى تكلفة الإنتاج الحيوانى فى فروعه الأخرى كاللحوم الحمراء والدواجن حيث يصل معدل التحول الغذائى للكيلو على النحو التالى:
8:1  للأبقار, 2.7 للدواجن أما الأسماك 1.2:1على مدى 20 عاماً استطاعت مصر أن تحقق  نجاحاً كبيراً فى مجال الاستزراع السمكى الذى أصبح ضرورة لسد الفجوة الغذائية ومواكبة الزيادة المستمرة فى عدد السكان.
 زاد الااستهلاك العالمي للأغذية المائية بشكل كبير في السنوات الأخيرة وستستمر هذه الزيادة في المستقبل  وفقا لاحصائيات منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة  .حيث زاد الاستهلاك العالمي للاغذية المائية بإستثناء  الطحالب بمعدل سنوي متوسط بلغ 3.0 % منذ عام1960مقارنة بمعدل النمو السكاني البالغ 1.6 % و زاد استهلاك الأغذية المائية للفرد الواحد من 9.9 كجم في المتوسط في ستينات القرن الماضي الى مستوى 20.5 كجم عام 2019 بينما انخفض بشكل طفيف إلى 20.2 كجم في عام 2020 . 
ومن المتوقع:
● ان يحدث ارتفاع للدخول .
● وزيادة في التوسع الحضاري .
● وتحسينات في ممارسات مابعد الصيد. 
● وتغيرات في الإتجاهات المسجلة في الأنماط الغذائية.
● وبالتالي زيادة في الاستهلاك قد تصل ل 15% في استهلاك الأغذية المائية ليبلغ نصيب الفرد 21.4 كجم في المتوسط في عام 2030.
 كنتيجة لزيادة الاستهلاك للأغذية البحرية فإنة يوجد كمية كبيرة من المخلفات والتي تمثل واحد من أهم التحديات أو المشكلات التي تواجه الدول والتي لها تأثير سلبي على البيئة بالإضافة إلى أن التخلص منها يمثل عبء كبير على إقتصاد الدول . الغرض من استخدام هذه المخلفات :
● انتاج مواد لها قيمة اقتصادية عالية .
● تقليل المشاكل البيئية الناتجة عن تراكم المخلفات وتعظيم القيمة المضافة لهذه المخلفات.
● دراسة الخصائص الكيميائية والطبيعية والوظيفية للمركبات المتحصل عليها وخصائصها المضادة للأكسدة ونمو الأحياء الدقيقة والتي ثبت تفوقها على المركبات الناتجة من مصادر أخرى.
في الآونة الأخيرة حصل تطور ملموس في تكنولوجبا الأسماك و استخداماتها فقد شمل التجفيف  والتبريد والتعليب والتدخين والتخليل والإشعاع وغيرها من الوسائل. رافق هذا التطورفي تصنيع الأسماك  وجود كميات كبيرة من المخلفات والمنتجات الثانوية العضوية من أجزاء الأسماك غير الصالحة للأكل وأجزاء الهياكل الداخلية للصدفات الناتجة عن عملية تقشير القشريات. قد تصل في بعض الأحيان إلى نسبة تمثل حوالي 50 %  من الإنتاج.

فبالإضافة إلى الأجزاء التي لا تؤكل كالهيكل العظمي والأحشاء الداخلية والقشور والرأس. فآن الأسماك غير الملائمة للتصنيع تحسب هي الأخرى في عداد المخلفات. بسبب ذلك ونتيجة للضغط الاقتصادي وعوامل عديدة أخرى تتعلق بالحصول على المواد الغذائية الضرورية فقد فكر العلماء في إيجاد وسائل وطرق مناسبة للاستفادة من هذه المخلفات أخذين بنظر الاعتبار الكميات الهائلة والرخيصة من هذه المخلفات ذات القيمة الغذائية العالية.

تعتبر هذه المخلفات مصدر من مصادر التلوث البيئى وانتشار الأمراض، كما أن التخلص من هذه المخلفات يمثل عبئ اقتصادي على الحكومات وخاصة فى الدول النامية وبينما قامت الدول المتقدمة بالاستفادة من هذه المخلفات فى تصنيع ناتجات ثانوية عديدة مثل تصنيع  الأعلاف أو مخصبات التربة وٳنتاج مسحوق السمك ٳلا أن هذه المنتجات تعتبر قيمتها اﻹقتصادية ( الدولارية) منخفضة.
هناك اتجاه عالمى لتعظيم الاستفادة من هذه المخلفات لرفع قيمتها الاقتصادية بانتاج منتجات غير تقليدية ذات قيمة ٳقتصادية عالية مثل ٳنتاج المركبات النشطة بيولوجيا ( اﻹنزيمات و الببتتيدات المضادة لنمو الكائنات الحية الدقيقة و كذلك الببتيدات المضادة للإكسدة و انتاج الكيتين والكيتوزان مخلفات من بعض أنواع القشريات مثل مخلفات تقشير الجمبرى و الاستاكوزا  . والبوليمرات الحيوية والكولاجين).
مثال على الاستفادة من المخلفات:

استخلاص الجيلاتين من مخلفات السبيط و الأسماك

الاحتياج العالمي من الجيلاتين يزداد سنويا حيث يتم انتاجه من التحلل الحامضي للكولاجين وهي احد وسائل استخلاص البروتين من العظام والجلود والحوافر والانسجة الضامة للحيوانات.
يتم استخدام هذا الجيلاتين في العديد من الصناعات الغذائية والدوائية ومستحضرات التجميل وأفلام التصوير.في الصناعات الغذائية يتم استخدام الجيلاتين بصورة اساسية بغرض اعطاء خصائص المطاطية او اللدانة لأغذية الأطفال والحلويات  ,الحفاظ على القوام والحفاظ على الرغوة ثابتة عند الخفق للأيس كريم بينما في الصناعات الدوائية يستخدم لعمل الكبسولات المرنة او الصلبة. 
الجيلاتين الأكثر طلبا على المستوى العالمي هو المستخلص من الخنزير ويليه المستخلص من الابقارويزداد الطلب عليه ولسوء الحظ فإن هذه المصادر الحيوانية يوجد بعض المحاذير التي تجعل استخدامها محل اعتبار:
● بعض هذه المحاذير لها صبغة عقائدية ففي المجتمعات المسلمة واليهودية ترفض استخدام أي منتجات محتويةعلى مركبات مستخلصة او مخلقة او ناتجة من الخنازير بينما المجتمع الهندوسي يرفض استخدام أي مركبات مستخلصة من الأبقار.
● وجود محاذير أو موانع لها علاقة بالأمان أو ال safety  مثل مرض جنون البقر .  
ولذلك فإنه كان لابد من توفيراو البحث عن مصادر بديلة للجيلاتين ودراستها وتطويرها وبالتالي فإن المصادر المائية مثل الجلد والعظام والزعانف والقشور scales وكذلك الاجزاء والانواع الصغيرة الغير مستغلة أو مستهلكة من الأسماك. 

 ما يجب مراعاته عند انتاج الجيلاتين:

▪ انتاج الجيلاتين يتضمن ثلاث خطوات أساسية
1. معاملة أولية للمواد الخام .
2. عملية إستخلاص بالحرارة.
3. عملية استرجاع (تبخير وتجفيف ).
▪ عملية الاستخلاص تعتمد على مصدر الجيلاتين وكمية الروابط الداخلية ودرجة نضوج أوعمر السمكة.
▪ مميزات الجيلاتين المستخلص من الأحياء المائية:
1. يعتبر الجيلاتين المستخلص من الأحياء المائية أعلى جودة نظرا لانه يتميز باحتياجه لدرجات حرارة أقل حتى يلين أو ينصهر ودرجة أعلى من المطاطية والقابلية للفرد في صورة فيلم أوغشاء للجل الناتج منه. 
2. الجيلاتين الناتج من أحياء المياه الدافئة يكون أعلى في محتواه من الأحماض الامينية عند مقارنته باحياء المياه الباردة.
3. الجيلاتين الناتج من أحياء المياه الدافئة يكون أكثر من حيث الكمية المتحصل عليها عند المقارنة بأحياء المياه الباردة.
▪ الكمية المتحصل عليها وخصائص جودة الجيلاتين الناتج تعتمد بصورة أساسية على الخصائص الطبيعية والتي تتأثر بكل من :
1. نوع الكائن المائي و درجة النضج وحجم الكائن وطبيعة النسيج المستخلص منه .
2. طريقة الاستخلاص المتبعة نفسها والتي تتضمن بدورها درجة ال pH  , درجة الحرارة المستخدمة والزمن اللازم للإستخلاص.

إعداد 
د/ مروة فاروق 
مركز البحوث الزراعية - معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية - قسم بحوث تكنولوجيا اللحوم والاسماك 
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة