يعتبر اللبن الإفراز الطبيعي للغدد اللبنية في الثدييات وهوغذاء كامل يسد احتياجات المولود الصغير فقد قال الله في كتابه العزيز إنه شراب به خلاصة الغذاء. 
(وَإِنَّ لَكُمۡ فِی ٱلۡأَنۡعَـٰمِ لَعِبۡرَةًۖ نُّسۡقِیكُم مِّمَّا فِی بُطُونِهِۦ مِنۢ بَیۡنِ فَرۡثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَاۤىِٕغًا لِّلشَّـٰرِبِینَ [النحل 66] صدق الله العظيم

ولقد استخدم الإنسان اللبن من حيوانات ثديية عديده في غذائه سواء في صورة لبن طازج أو بعد تحويله إلى منتجات لبنيه مختلفة كوسيلة لحفظ مكونات اللبن القيمة وإطالة مدة صلاحيتها كغذاء وفصل مكونات اللبن العالية القيمة مثل دهن اللبن وتحويله لزبد أو سمن أو تصنيع منتجات مختلفة تناسب مختلف الأذواق والاحتياجات الغذائية مثل أنواع الجبن والألبان المتخمرة والأيس كريم، مما يجعل لصناعة الألبان دوراً كبيراً في إقتصاد العالم.
ومن الجدير بالذكر أن جميع منتجات اللبن الأساسية والثانوية لها دور كبير في التغذية وأيضاً العلاج أي أنه يعتبرغذاء وظيفي من الدرجة الأولى.

الغذاء الوظيفي: يحسن الصحة و/أو يساعد في منع مرض, عند تناوله كجزء من غذائي المتوازن ونمط حياتي الصحي.

من أمثلة منتجات الألبان الثانوية التي لا تزال  تُفقد في الصناعة المصرية دون إستخدام هو -اللبن الخض- الناتج عن صناعة الزبدة - حيث تجمع حبيبات الدهن وفصلها عن باقي المكونات السائلة التي تسمى اللبن الخض بعد تكسير أغلفة حبيبات الدهن بعملية الخض للكريمة.
يرجع تاريخ بداية صناعة الزبدة منذ 4500 عام مضى,  موثق على حجر جيري في اليونان علية نقوش لخطوات الصناعة وشكل قربة الخض.

اللبن الخض هومنتج سائل يكاد يكون خالي من الدهن يشبه تركيب اللبن الفرز, يحتوي على بروتينات الكازين علاوه على مكونات الذائبة في الماء بما في ذلك اللاكتوز والمعادن وبروتينات الشرش وهو يعتبرمنتج لبني فريد بسبب غناه بمكونات عالية القيمة الغذائية والعلاجية من أغلفة حبيبات الدهن والتي تميزت بمكونات نشطه بيولوجيا خصوصا الفوسفوليبيدات, محتوى اللبن الخض من الفوسفوليبيدات7 أضعاف عنها في اللبن الكامل و 40 ضعف وجودها في اللبن الفرز.
محتوى اللبن الخض من الدهون يرجع لوجودها في أغلفة حبيبات الدهن حيث تحتوي على50% من مكوناتها دهون معقدة و 30% منهم دهون قطبية ذات الطبيعة الأنفوتيرية المسؤولة عن ثبات مستحلب الدهن في اللبن السائل (نظام الإستحلاب الطبيعي في اللبن), بالإضافة لأكثر من 130 نوع بروتين متميز الفائدة الداعمة للصحة مثل تأثيرها على الجهاز العصبي وخلايا المخ رغم قلة كميات وجودها مما يعزز استخدام اللبن الخض كمنتج وظيفي متميز.

تناول اللبن الخض يساعد في الحفاظ على توازن الماء في جسم الإنسان, كل 100 جرام من اللبن الخض =40 كيلو كالوري و 116 ملجم كالسيوم - (12٪ من الاستهلاك اليومي للشخص البالغ) و(0.5% فيتامين أ), (0.2% فيتامين ج) . يمكن استخدام اللبن الخض كمكون وظيفي لتصنيع مجموعة واسعة من الأغذية لما له من تأثير فعال في خفض مستويات الدهون و الجلوكوز في الدم إلى معدلاتها الطبيعية.و نشاطًاً مضادًا للأكسدة وقدرة على تحسين وظائف الكبد والقلب.
يعتبر اللبن الخض منتج عديم التكلفة – (يتم التخلص منه) - له العديد من الصفات التكنولوجية مما تجعله مكونًا مفضلًا في صناعة العديد من الأغذية, فاستخدام اللبن الخض في صناعة الأغذية يخفض تكاليف  المنتَج، ويحد من التلوث البيئي ويحسن القيمة الغذائية للمنتج النهائي.

اللبن الخض له صفات تكنولوجية مثل قدرة على الإستحلاب- ربط الماء, تكوين جل, إضافة نكهة دهن اللبن الطبيعي مع انخفاض نسبة الدهن بما يناسب الأنظمة الغذائية المنخفضة الدهن.

من تطبيقات اللبن الخض في الصناعة (تطرية اللحم, إضافة رطوبة إلى المخبوزات, يستخدم كمصدر إضافي للجوامد الصلبة اللبنية المنخفضة الدهن, في صناعة عدة منتجات مثل الزبادي والشوكولاتة والجبن والأيس كريم و إضافة الطعم الكريمي إلى الصلصات والشوربات) وإطالة مدة صلاحية الأغذية بسبب صفاتها المضادة للبكتريا وللفيرس. 

الأبحاث السابقة وجدت أن اللبن الخض له العديد من الخصائص الداعمة لصحة الإنسان (يعزز المناعة والجهاز العصبي فهو يفيد مرضى  ألزهايمر والإكتئاب, يحسن هضم وامتصاص الكالسيوم, والمساهمة في كثافة العظام والوقاية من الهشاشة, يقاوم أمراض القلب والأوعية الدموية, يقلل من ارتفاع ضغط الدم, عند تناوله بكميات كافية يساهم في إنقاص الوزن  بسبب إنخفاض سعراته.
وأيضًا تناول اللبن الخض يساعد في تجنب الجفاف, تبريد درجة حرارة الجسم خاصة عند النساء في سن إنقطاع الطمث, العلاج الطبيعي ضد قرحة المعدة والإثني عشر(Natural therapy) للتقليل من الإصابة بالأمراض والوقاية منها, مما يجعله مفيد لراحة المعدة بالذات أيام الصيام, و يساعد في بناء كتلة الجسم العضلية وعظام قوية مما يفيد الأطفال والحوامل و الأشخاص الرياضيين.

 اجريت دراسة بيولوجية على فئران تجارب بإستخدام اللبن الخض في التغذية فكانت أهم النتائج أن اللبن الخض له تأثير فعال في خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL ورفع الصحي HDL و خفض مستوى الجلوكوز في الدم إلى معدلاتها الطبيعية. و لديه أيضًا نشاطًا مضادًا للأكسدة وقدرة على تحسين وظائف الكبد والقلب. 
لذلك نوصي بأهمية تناول اللبن الخض رغم أنه منتج ثانوي لكنه ذو قيمة وظيفية عالية مما يذكرنا بقول الحق في كتابه العزيز وَإِنَّ لَكُمۡ فِی ٱلۡأَنۡعَـٰمِ لَعِبۡرَةًۖ...  [النحل 66] صدق الله العظيم – والإهتمام بتطوير إنتاج اللبن ومنتجاته لتدعيم مستقبل صناعة الغذاء عامة والألبان خاصة لتقديم غذاء آمن ومفيد للمستهلكين, وحفاظا على نِعَم الخالق لنا.

إعداد الدكتورة / هبة الله محمد عبد الله محمد عبدالحليم
مركز البحوث الزراعية - معهد تكنولوجيا الأغذية.