في ظل الأجواء الحارة التي نعيشها حاليًا، والتي يُطلق عليها مجازًا "موسم الفرن الحراري"، يصبح السؤال عن صحة قلوبنا أمرًا بالغ الأهمية، خاصةً مع قلة شرب الماء لدى الكثيرين.

سبحان الخلاق العليم الذي جعل الماء أساسًا للحياة، فهو ضروري لكي يؤدي الجسم جميع وظائفه بشكل سليم، فالماء يساعد على تنظيم درجة حرارة الجسم، ويدعم عملية الهضم، ويحافظ على صحة البشرة، ويسهم في التخلص من الفضلات، ويعمل على تليين المفاصل. وفوق كل ذلك، يلعب دورًا كبيرًا في المحافظة على صحة القلب والشرايين.

الماء: سر قلب صحي ودورة دموية سليمة

يرتبط شرب الماء بوفرة ارتباطًا وثيقًا بحماية القلب والشرايين والحفاظ على معدلات ضغط الدم الطبيعية.

لنتعمق أكثر في فوائد الماء لقلبك والدورة الدموية:

•تنظيم ضغط الدم: يساهم الماء في الحفاظ على ترطيب الجسم بشكل عام، وهذا يدعم تنظيم معدل ضغط الدم. كيف؟ عن طريق الحفاظ على حجم الدم الأمثل داخل الجسم، مما يقلل من احتمالية التعرض لارتفاع أو انخفاض ضغط الدم.

•الوقاية من الجفاف والإجهاد: شرب الماء بوفرة يحمي الجسم من الجفاف، والذي يُعد سببًا رئيسيًا للشعور بالإجهاد والتعب. هذه الحالة يمكن أن تؤدي إلى زيادة معدلات ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم في الجسم.

•الحماية من الجلطات: يقي الماء من خطر الإصابة بجلطات الدم لأنه يحافظ على مستوى السيولة الطبيعي في الدم. وهذا له دور كبير في الوقاية من مشاكل صحية خطيرة مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية. فالجفاف يمكن أن يؤدي إلى زيادة لزوجة الدم، مما يزيد من خطر تكون الجلطات.

الكمية اليومية الموصى بها وخطورة الإهمال

يجب أن ننتبه جميعًا لنقطة مهمة: سواء شربت كميات كافية من الماء أم لا، فإن جسمك يفقد جزءًا من محتواه المائي يوميًا من خلال التنفس والعرق (وهو ما يتزايد بشكل كبير في هذه الأيام الحارة) والإخراج اليومي.
ولكي يتمكن جسمك من أداء وظائفه الحيوية بشكل طبيعي، يجب عليك تعويض احتياجاته من الماء عن طريق تناول المشروبات والأطعمة الغنية بالماء.

لكن يجب الانتباه إلى أن شرب الماء العادي يختلف كليًا عن شرب العصائر السكرية والصودا والقهوة والشاي، فلا يمكن أن تحل محل الماء النقي.

بالنسبة للكمية اليومية التي يحتاجها الشخص العادي السليم صحيًا ويعيش في مناخ معتدل:

•الرجال: يحتاجون لمعدل 3.7 لتر من الماء يوميًا (ما يعادل 15 كوبًا تقريبًا).
•النساء: يحتجن لمعدل 2.7 لتر من الماء يوميًا (ما يعادل 11 كوبًا تقريبًا).
•بشكل عملي: زجاجة الماء بسعة 1.5 لتر تعادل تقريبًا 6 أكواب.

للأسف، هناك الكثيرون ممن لا ينتبهون لأهمية شرب كميات كافية من الماء يوميًا، وبعضهم يتجاهل الأمر بحجة النسيان. معظمهم يشربون أقل من نصف الكمية المناسبة، وهناك قطاع كبير (وهم يعرفون أنفسهم جيدًا) يخدعون أنفسهم ويلجأون للمشروبات السكرية والغازية، أو المليئة بالكافيين (فالمصريون يعشقون القهوة والشاي).

حرارة الصيف والقلب: علاقة تستدعي الانتباه

يُعتبر فصل الصيف ضيفًا ثقيلًا على القلب، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة. القلب يضطر إلى بذل مجهود إضافي لضخ الدم وتبريد الجسم. هذا الجهد الإضافي قد يؤدي إلى مضاعفات صحية لدى بعض الأشخاص، خصوصًا مرضى القلب والشرايين وكبار السن، مثل الجفاف واضطرابات ضربات القلب، وحتى النوبات القلبية.

باختصار، جسمك يمتلك القدرة على تحمل فترات قصيرة من عدم شرب الماء. لكن مع مرور الوقت، يمكن أن تتجاوز نتائج عدم شرب الماء مجرد الإحساس بالعطش لتصل إلى الجفاف ومشاكل صحية أكبر بكثير على المدى الطويل. عندها قد تندم وتتمنى لو كنت قد التزمت من البداية.

ألا يستحق قلبك أن تمنحه ما يحتاجه من ماء لتحافظ على صحته؟

اعرف اكتر عيش احسن
أ.د. هيثم بدران أستاذ أمراض القلب والأوعية الدموية – جامعة عين شمس