فى الآونة الأخيرة، حدث ازدهار فى تربية ذبابة الجندي الأسود black soldier fly (BSFL) خاصة في دول مثل فيتنام وكوريا واليابان وتايوان وتايلاند والهند نظرا لوجود عدد كبير من السكان يعملون في تربية هذه الحشرة. تلعب يرقات ذباب الجندي الأسود دورًا حيويًا في تحلل المواد العضوية، وإعادة العناصر الغذائية للتربة، حيث ان اليرقات لها شهية نهمة، ويمكن استخدامها لتحويل المخلفات الزراعية وبقايا الطعام غير المستخدمة في التغذية الأدمية أو الأعلاف إلى سماد، بالإضافة إلى ذلك، تُعرف يرقات ذباب الجندي الأسود بقدرتها على توليد كميات كبيرة من الكتلة الحيوية، والتي تتميز باحتوائها على بروتين عالي الجودة، وبالتالي تكون مصدر بديل جيد للبروتين الذي يستخدم على وجه الخصوص في تربية الأحياء المائية وكغذاء للدواجن.

يمكن لمسحوق يرقات ذبابة الجندي الأسودBSFL) ) أن تحل محل مسحوق الأسماك أو كسب فول الصويا SBM) ) كمصدر للبروتين في النظام الغذائي للحيوانات النامية والأسماك والدواجن وغيرها من الطيور المنزلية والأرانب. أكدت التحاليل المعملية على أن BSFL  يحتوي على ما يربو عن  43% من البروتين، كما انه غني بالكالسيوم والمواد المغذية الأخرى مثل الدهون. في الواقع إنها تعتبر مثالية لأولئك الذين يتطلعون إلى الحصول على البروتين من مصادر أكثر أخلاقية من الزراعة العادية.

إن تربية يرقات ذبابة الجندي الأسود مريحة للغاية، كما أنها يمكن أن توفر الكثير من الأراضي الزراعية. وبشكل أكثر تحديدًا، يمكن لنصف هكتار من مزرعة يرقات ذبابة الجندي الأسود أن تنتج بروتينًا أكثر من إنتاجية ماشية الرعي في حوالي 1200 هكتار من الحقول، وذلك ما يعادل من البروتين 52 هكتارًا من فول الصويا. تعتبر مزارع يرقات ذبابة الجندي الأسود أكثر كفاءة من زراعة فول الصويا، ومزارع الماشية. ويستغرق إنتاج البروتين موارد أقل بكثير ووقت أسرع.

لقد وجد أن وجود حشرة (BSFL)  يرتبط بالهواء الطلق وتربية الماشية، ومن المألوف أنها توجد حول المواد العضوية المتحللة، مثل نفايات الحيوانات والمتبقيات النباتية، حيث انها تستهلك تلك المواد والمخلفات، لذلك يتم تنميتها على روث الحيوانات والدواجن لاستخدامها كغذاء للدواجن. من جانب اخر ينعدم انبعاث مستويات ثاني أكسيد الكربون في الهواء من تربية ذباب الجندي الأسود مقارنة بتربية الحيوانات الزراعية أو زراعة المحاصيل البقولية.

بالإضافة الى أن الحشرات البالغة واليرقات لا تعتبر نواقل أمراض، حيث أنها لا تحمل مسببات الأمراض، ألا أنها من الممكن أن تنقل بعض الأمراض نقلًا ميكانيكيًا.

على الرغم من أن ذبابة الجندي الأسود هي حشرة قوية للغاية، إلا أنها لا تنتشر في المناطق المكتظة بالسكان والملوثة بالضوضاء والغبار، حيث تبين أن أدائها يكون أسوأ بكثير ويكمن ذلك في عدم قدرتها على التكاثر في البرية بنفس كفاءة تكاثرها في البيئات المحكومة (Controlled Environments).

بالإضافة إلى ذلك يقل عدد البيض، وكذلك جودة اليرقات الناتجة، بشكل كبير مقارنة بتلك الموجودة في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التى ينخفض فيها تلوث الهواء والضوضاء.

عند الرغبة فى إنشاء مشروع لتربية حشرة (BSFL)  يجب التأكد من أن المنطقة المجاورة للمشروع خالية من الجرعات العالية من المبيدات الزراعية. على الرغم من أن هذا النوع من اليرقات مقاوم لكمية معينة من المبيدات الحشرية، إلا أنه عند تناول جرعات عالية، فإنها ستموت لان يرقات ذبابة الجندي الأسود لا تتحمل المستويات العالية من المبيدات بشكل كبير، مما يسبب أضرارًا غير مرغوب فيها لمشروعك.  ولان يرقات ذبابة الجندي الأسود تستطيع إعادة تدوير النفايات العضوية عن طريق تحللها وتحويلها إلى سماد يمكن استخدامه لتحسين جودة التربة بشكل طبيعي.

تستخدم العديد من مزارع الخضروات العضوية سماد BSFL   لتحسين تربتها. لقد أصبح من المألوف الآن انه عن طريق هضم المواد العضوية مثل فضلات الطعام، بطريقة بيولوجية طبيعية نتيجة استخدام يرقات ذبابة الجندي الأسود في عمليات إدارة النفايات العضوية حيث أن لديها قدرة هائلة على تحويل هذه المواد بسرعة وفعالية.. بجانب ذلك فان اليرقات لا يمكنها تحويل نفايات الطعام إلى بروتين فحسب، بل تساعد أيضًا في تقليل انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن نفايات الطعام.

وبشكل أكثر تحديدًا، تساعد BSFL  فى معالجة جميع النفايات الزراعية وتحويل كميات كبيرة منها إلى سماد، والذي يمكن بعد ذلك استخدامه لتحسين جودة التربة وخصائصها، وتقليل الكثير من تكلفة رعاية المحاصيل الزراعية.

ا. د. فوزى محمد أبودنيا
المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى